موناليزا فريحة
04042018
النهار
وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين حجر الاساس لمشروع محطة نووية في منطقة مرسين بجنوب تركيا، ومعه حجر أساس آخر لمحور تركي-روسي يكتسب زخماً يوماً بعد يوم، ويعمق الشرخ في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، العضوين في حلف شمال الاطلسي.
كلفة المشروع النووي الضخم تبلغ 20 مليار دولار وهو يساهم في تعزيز أمن الطاقة في تركيا وايجاد فرص عمل، لكنّ أهميته الرمزية لروسيا أكبر بكثير، ذلك أنه يتعلق بالمحطة النووية الروسية الأولى خارج روسيا التي تحقق بطريقة ما حلمها القديم بالاستقرار في المياه الدافئة.
تعود العلاقات السياسية والعسكرية الفتية بين الخصمين التاريخيين اللدودين بمنافع متبادلة على كليهما. وهي قطعت شوطاً بعيدا منذ الازمة الديبلوماسية التي أعقبت إسقاط تركيا مقاتلة روسية عند الحدود مع سوريا في تشرين الثاني 2015. مذذاك، اعلنت أنقرة شراء أنظمة الدفاع الروسية “أس 400” على رغم معارضة واشنطن، وتجاوز الجانبان موقفيهما المتناقضين من نظام الرئيس السوري بشار الاسد وتعاونا معاً على أكثر من جبهة. فمن دون الضوء الاخضر الروسي ما كانت القوات التركية لتتمكن من الوصول الى عفرين وطرد “وحدات حماية الشعب” الكردية منها. ويداً بيد مع ايران، أطلقت موسكو وأنقرة محادثات أستانا في كانون الاول 2017، ونجحت الدول الثلاث في تدشين مسار عسكري للحل في سوريا تمثل في انشاء “مناطق خفض التصعيد” التي تفاوتت نتائجها بين منطقة وأخرى. وتُوج المحور الجديد بقمة سوتشي عندما أطل بوتين وأردوغان والرئيس الايراني حسن روحاني في 13 تشرين الثاني وشبكوا ايديهم أمام الكاميرات في ما وصفه البعض بـ” ترويكا جديدة” في اشارة الى قمة الترويكا في يالطا عام 1945 بين الزعماء السوفياتي جوزف ستالين والبريطاني ونستون تشرتشل والاميركي فرنكلين روزفلت لتقاسم النفوذ في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
في موازاة هذا التقارب الثلاثي، يزداد التباعد بين أنقرة وموسكو من جهة وواشنطن والغرب من جهة أخرى، علماً أن علاقات ايران بالمحور الغربي لم تكن جيدة في الاساس لتسوء أكثر. فبين روسيا والغرب حرب باردة جديدة على خلفية تسميم العميل الروسي السابق سكريبال وابنته، وبينها وبين واشنطن أكثر من ملف ينتظر نتائج تحقيقات روبرت مولر. أما أردوغان الذي بات يواجه صقوراً جدداً في الادارة الاميركية بعد التعيينات الاخيرة، ففتح النار هذه المرة على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لاستضافته مسؤولين أكراداً، بينهم ممثلون لـ”وحدات حماية الشعب”، عدوه اللدود.
تنعقد قمة الترويكا الجديدة في أنقرة اليوم وقت يبدو مستقبل سوريا، وربما المنطقة، عند منعطف. كلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن نيته الانسحاب من سوريا يوفر فرصة جديدة لروسيا وتركيا وايران لملء الفراغ وتوزيع الحصص.
monalisa.freiha@annahar.com.lb