27-04-2021 | 00:07 المصدر: النهار


البطريرك المبادر سعودياً يكشف السلطة
ان يبادر البطريرك الماروني #مار بشارة بطرس الراعي بما يمثل ومن يمثل الى الاتصال بالسفير السعودي وليد البخاري قبيل بدء سريان القرار الذي اعلنته المملكة بمقاطعة الصادرات اللبنانية من الفواكه والخضار فشكل ذلك وفق المعطيات التي توافرت عن رد الفعل السعودي خطوة ايجابية جدا وفي محلها في غياب اي قدرة لاي مسؤول رسمي من اعلى الهرم الى رئاسة الحكومة او وزارة الخارجية او وزارة الزراعة على التقاط مبادرة مماثلة نتيجة افتقادهم للعلاقات التي تسمح لهم بهذه الخطوة . فقد جرت العادة ان يتم التوسط لدى بكركي من اجل التواصل مع المرجعية الكاثوليكية الاولى التي يشكلها الفاتيكان فيما ان التواصل من الراعي مع المملكة السعودية في مسألة يفترض ان يتولاها المسؤولون في السلطة تعطي ابعادا ايجابية كذلك على خط التواصل المسيحي مع المرجعية السنية ودار الاسلام في المنطقة ما يساهم في دحض الاتجاهات الطائفية التي يدفع اليها الصراع الحكومي على خط رئاستي الجمهورية والحكومة. وخطوته هذه لم تحظ بتثمين سعودي فحسب بل انسحب ذلك على دول عربية اخرى اتصل سفراؤها بالبطريرك الماروني تقديرا لما قام به وحرصه على انقاذ العلاقات اللبنانية السعودية من جهة وانقاذ الاقتصاد اللبناني والمزارعين اللبنانيين من انعكاسات خطيرة ستترتب على المقاطعة السعودية . كان لديه رد فعل ازاء تطور لم يكن متوقعا او منتظرا منه كرجل دين . وقد اكمل الراعي موقفه بما اعلنه في العظة التي القاها يوم الاحد محددا اهمية العلاقات التاريخية مع العمق العربي للبنان ومصححا اتجاهات رسمية متعثرة ومن ثم في الزيارة التي قام بها الى رئيس الجمهورية من اجل اطلاعه على الاجواء المتصلة بمضمون اتصاله وحتمية اتخاذ الخطوات اللازمة وفق ما اشار الراعي بعد اللقاء. ومع ان سيد بكركي لم يتقصد على الارجح كشف المسؤولين وبطء حركتهم وربما عجزهم ايضا، ولكن واقع الامور ان تطورات مماثلة يتم السعي الى معالجتها فورا وعلى نحو طارىء ما امكن وهو لذلك ربما احرجهم بوضعهم امام حتمية المعالجة المطلوبة وعدم التلكؤ فيها.وهو ما يمكن ان يترك اثرا ايجابيا لدى الدول العربية والخليجية علما ان مواقف الراعي الاسبوعية تحظى بتقدير واسع لديها وفق ما كان ابلغ اخيرا من هذه الدول. وهو الامر الذي سيتيح له متابعة هذا الموضوع مع المملكة السعودية .
وبدا لافتا ان الراعي ترك في بعبدا موضوع تأليف الحكومة جانبا متجنبا الكلام على اي مبادرة او مسعى او اي اشارة لضرورة حصول لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وهذه نقطة توقف عندها البعض اذ لعلها المرة الاولى التي لا يبادر الى مثل هذه الدعوة كما انه لم يشر الى اي تفاصيل حكومية ولا سيما الى الثلث المعطل في ظل ما اعلنه النائب جبران باسيل من ضرورة اقرار الراعي بالثلث المعطل كحصة حتمية لرئيس الجمهورية لئلا يقال ، كما قال باسيل، بان البطريرك فرط بالحقوق المسيحية(!) على حد تعبيره. وفي حين وضع الراعي الجميع في سلة واحدة على خلفية ” تبادل الاتهامات”، فانه بدا معبرا في كلمته غير الطويلة عن امرين لافتين : الاول ان ما سمعه من رئيس الجمهورية في لقاء بعبدا ليس سببا لتأخير الحكومة والثاني اعتباره ان جولات الرئيس سعد الحريري هي لمتابعة واهتمام بالشأن اللبناني. ولعل مغادرة البطريرك مربع تفاصيل الوضع الحكومي من دون اهماله ضرورته إنقاذا للبلد الوصول الى بسبب اقتناع بان لا قرار بالافراج عن الحكومة راهنا من خلال ذرائع وحجج تفرخ بين حين واخر ولا تبدو مقنعة لا سيما ما يتناول اخيرا سعي الرئيس المكلف الى النصف زائد واحدا في الحكومة العتيدة فيما ان الجميع مدرك ان اي رئيس حكومة لا يحتاج الى عشرة وزراء ولا الى الثلث او حتى الى وزير واحد ما دام يملك قرار استقالته متى يريد ان رفض ادراج اي موضوع على جدول اعمال مجلس الوزراء او الانسحاب من الجلسة. كما ان القاء نظرة سريعة على الزيارات الديبلوماسية التي شهدها لبنان اخيرا من زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الى مساعد الامين العام للجامعة العربية حسام ذكي ومن ثم زيارة وكيل وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل والتي لم تؤد اي منها الى اي حلحلة من اي نوع ، والتي تضاف اليها زيارات الرئيس الحريري الى روسيا والفاتيكان وصولا الى التهديد الفرنسي فالاوروبي بالعقوبات ، فانما يجعل الامر يبدو وكانه ممنوع تأليف حكومة راهنا او ربما في المدى المنظور.
وواقع الامور انه لم تعد غالبية سياسية تربط الموضوع الحكومي باستحقاقات خارجية كالحوار الاميركي الايراني على سبيل المثال او اي استحقاقات مماثلة، بل باتت تربطه وعلى ضوء تطورات الاسبوع الماضي الموجهة الى تفريغ المؤسسات الدستورية في البلد من مضمونها واحدة تلو الاخرى وصولا الى السلطة القضائية، بوجود مسعى يتلمسه كثر في مؤشرات متعددة لانقلاب في البلد يهدف الى تغيير اسس الكيان اللبناني ووجه. والزائر لبيروت خصوصا في هذه الايام يمكن ان يتلمس كيف ان البلد يكاد لا يشبه اللبنانيين ولم يعد هو وقد فرغت المدينة ليس من اهلها فحسب بل من روحها ايضا، علما ان هذا الشعور لا يكمن فقط في وسط العاصمة بل في عمق المناطق المسيحية ايضا التي اصبحت اشبه بهياكل من دون روح. وهذا ما سبق ان حذر البطريرك من اتجاهاته الخطيرة داعيا الى مساعدة لبنان كما حذر منه المسؤولون الفرنسيون الذين يرون ما يحصل من ” انتهاء” للبنان .
rosana.boumonsef@annahar.com.lb