14-09-2021 | 00:15 المصدر: “النهار”


فما رأي الرئيس ميشال عون، الذي يقول انه لم يأخذ الثلث المعطل ولكن “ما يجب ان نأخذه اخذناه”؟
لم يكن ينقص الرئيس ايمانويل ماكرون سوى الوقوف عند قوس النصر في باريس وتوزيع “البون بون” على المارة، عندما قال بالحرف انه يهنىء نفسه بتشكيل الحكومة ال#لبنانية، التي كانت قد أسالت دموع رئيسها نجيب ميقاتي، وأغرقت اللبنانيين في مناحة من الخيبة [رغم بعض الكفاءات فيها]، في وقت لا يجدون حبة بانادول لوجع الرأس من الوقوف تحت الشمس امام محطات الوقود.
لماذا يهنىء ماكرون نفسه، هل لأنه يحاول ان يكتب من خلال بيع لبنان مقابل النفط العراقي والإيراني، ما سمّاه زميلنا في “الشرق الأوسط” اياد أبو شقرا نسخة جديدة من “سايكس – بيكو”، بالتعاون مع ايران ورئيسها ابرهيم رئيسي و”حزب الله”، واذا صحّ هذا وهو صحيح، فما رأي الرئيس #ميشال عون، الذي يقول انه لم يأخذ الثلث المعطل ولكن “ما يجب ان نأخذه اخذناه”، وما رأي ميقاتي الذي ابلغنا انه لن يترك فرصة لدقّ أبواب العالم العربي “ويجب ان نوصل ما انقطع ولبنان ينتمي الى هذا العالم العربي”، وما رأي العالم العربي الذي نقصفه يومياً بالإتهامات والشتائم؟
بدا ان العالم غير مصدّق ان في وسع هذه “القبائل اللبنانية”، ان تتفق على تشكيل حكومة، فتقاطرت بسرعة تعليقات الترحيب بالتوصل الى تشكيل هذه التحفة الحكومية، رغم انه ليس فيها ما يمكن ان يترجم مواصفات “حكومة المهمة الإصلاحية” التي دعا اليها ماكرون في السادس من آب من العام الماضي بعد انفجار المرفأ، والتي استهلكت اولاً مصطفى اديب وثانياً سعد الحريري.
وكان ميقاتي قد اعلن فور خروجه من الإستشارات في بعبدا، انه ملتزم المسار الذي مشى عليه الحريري، فكيف تمكّن من ان يصل الى التفاهم على حكومة “تخرج لبنان من الهوة” كما قال عون، هل لأنه “يجيد تدوير الزوايا”، أم لأنه كان ينام على الضمانات الفرنسية – الإيرانية، لتبرز فجأة “قبة الباط” الأميركية وهدفها الظاهر هو الرد على بواخر “حزب الله” النفطية الإيرانية، عبر استجرار الغاز المصري الى لبنان عبر سوريا رغم “قانون قيصر”، بينما الهدف الأعمق والأهم أيها الذكي، هو وجود تفاهم مع الروس، على سحب سوريا من الهيمنة الإيرانية واعادتها الى الأسرة العربية؟
لقد تشكلت الحكومة المعجزة وانهالت بيانات الترحيب من واشنطن وباريس ولندن، ولكن ماكرون جدّد الدعوة الى “ضرورة امتثال السياسيين اللبنانيين للإلتزامات التي قطعوها، من اجل السماح بتنفيذ الإصلاحات اللازمة لمستقبل لبنان وتمكين المجتمع الدولي من تقديم المساعدة الأساسية له”.
ليس خافياً على احد ان الدول المانحة أعلنت تكراراً انها لن ترسل الينا دولاراً واحداً قبل الإنخراط في برنامج إصلاحي جاد، والمثير للإحباط ان كل المعارك حول تشكيل الحكومة منذ الدعوة الفرنسية الى “حكومة المهمة” لم تتوقف للحظة امام هذه المهمة الإصلاحية، وكان المطلوب عملياً من ميقاتي ان يوفّر دموعه، ليتحفنا مثلاً بالقول انه يملك هو وعون، برنامجاً للحكومة او على الأقل تصوراً لبرنامج إصلاحي، تشترطه الدول المانحة والبنك الدولي، مع ان وضع هذا البرنامج يحتاج الى اكثر من ثمانية اشهر وهو عمر الحكومة، ولبنان يقف على أبواب رفع الدعم وما سيثيره من معارك وتظاهرات وفوضى متصاعدة، تسبق حصول “حكومة الأضاحي” على الثقة!
khouryrajeh@annahar.com.lb
twitter@khouryrajeh