ليان الضاني
المصدر النهار
14082017
لنقف دقيقة صمتٍ على هويتنا ووطنيتنا وتاريخنا وأصلنا وفصلنا، ولكن هل تكفي دقيقة واحدة لمواساة فاجعة زنوبيا أو تشرّد عشتار أو لملمة دموع سيدة كنائس معلولا. فلنقف عمراً كاملاً على حضارة تُفقد كل يوم وتاريخ تكتبه لنا أوروبا!
خلال تجولي في مدينة كراكو الأثرية في جنوب بولندا، لفتتني لوحة كُتبَ عليها “من هنا معرض (السلام من أجل سوريا)”. دخلت المعرض متوقعة كأي شخص آخر
رؤية لوحات وصور تحاكي واقعنا الأليم، أو ربما معرض عن تاريخ سوريا العريق، وأقصى ما توقعته هو رؤية تحف وأشغال يدوية لدعم الشعب السوري.
هذه المبادرة هي جزء من حملة تُدعى “إغاثة الكنائس المحتاجة” فهي حملة خيرية دولية برعاية الحبر الأعظم وهدفها مساعدة المؤمنين المضطهدين والمحتاجين في جميع أنحاء العالم. وفي حديث لي مع مسؤولين في الحملة، شرحوا لي أنهم يسعون ليكونوا صوت أولئكَ الذين كثيراً ما تتجاهل منظمات حقوق الإنسان معاناتهم. استطاعت الحملة مساعدة المحتاجين في أكثر من 145 دولة، وفي كل سنة تنفذ أكثر من 5000 مشروع لإصلاح المجتمعات.
وأضافوا أن هذه مبادرة هادفة لتعريف الشعب البولندي على تاريخنا. لأنهم أيضاً مرّوا بحرب وفقدوا العديد من آثار بلادهم، فأرادوا ألّا يتكرر هذا السيناريو في سوريا والعراق، وبين الحين والآخر يذهب كاهن الكنيسة لديهم في جولة إلى سوريا والعراق ويجمع ما يمكنه جمعه لحفظ تاريخ بلادنا الديني.
أعلم جيداً أنّ ما تقوم به هذه الحملة يحمي ما تبقى من آثارنا، وأنا كمواطنة سورية ممتنة لهم جداً. ولكن شعرتُ أن وطنيتي اُستُفزتْ وكرامة هويتي أُهينتْ، فأنا كنتُ أتجول كسائحة في أرجاء المدينة ولم أتوقع أن أكون سائحة تتجول في معرض لآثار بلادها التي باتت مستباحة. فبينما نحن منشغلون في حل الخلاف العنصري بين الشعبين السوري واللبناني وفي سماع الخطابات من الآستانة وجنيف، وفِي مشاهدة التغير الديموغرافي للبلاد، هناك أناس يجمعون أشلاء حضارتنا وإرث تاريخنا.
فهنيئاً لنا ببلاد مستقبلية هويتها تشتت في أصقاع الأرض.