منذ 11 ساعة

كشف استطلاع رأي إلكتروني أطلقته في بيروت، منظمة «ثابت» لحق العودة، بالتعاون مع لجنة العودة وشؤون اللاجئين في المؤتمر الشعبي الفلسطيني أن نسبة 95.2 في المئة من العمال أثرت الأزمات في لبنان بشكل سلبي على طبيعة عملهم.
وأشار الاستطلاع أن نسبة 63.5 في المئة من العمال المستطلعين ما زالوا في عملهم الحالي فيما 36.5 في المئة منهم تركوا عملهم بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها البلاد.
وحول دفع المستحقات المالية من تعويضات وغيرها بعد انتهاء العقد الوظيف كانت النسبة كبيرة جدا حيث بلغت نحو 92.3 في المئة من الموظفين لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية.
وحول ما إذا كانت الأزمة قد أثرت على نوع العمل فإن 58.2 في المئة من العمال قد تغيرت طبيعة عملهم كتخفيض الرواتب وزيادة ساعات العمل بالإضافة التي تغيير بالمهام والمسؤوليات.
وأعرب 63.2 في المئة من العمال عن شعورهم بالتضييق عليهم في العمل، بالإضافة أن الأكثرية من العمال ما زالوا يتقاضون الراتب بالليرة اللبنانية حيث بلغت نسبتهم ما يقارب 84.2 في المئة وأن 75.3 في المئة من العمال لا يشمل راتبهم بدل المواصلات.
وحول ما إذا كان الراتب الحالي يكفي لسد الاحتياجات المعيشية الأساسية فقد عبر 85.6 في المئة منهم بأن الراتب لا يكفي، وحول أولويات الإنفاق في حياة العمال المعيشية فقد رأى 85.6 في المئة منهم بأن الطعام هو الأولوية فيما بلغت نسبة الكهرباء 82.7 في المئة والمواصلات بنسبة 69.2 في المئة، ثم العلاج والأدوية بنسبة 57.7 في المئة، ثم المدارس حيث سجلت 53.8 في المئة، تبعها خدمة الاتصالات والإنترنت51 في المئة، ثم أجرة المنزل 43.3 في المئة، والنسبة الأخيرة كانت للثياب بنسبة 26.9 في المئة.
فيما تنوعت آراء الآخرين حول طبيعة الانفاق، بمساعده الأهل والاخوة المتزوجين ودفع الأقساط الجامعية.
حيث بلغ نسبة 44.2 في المئة من العمال ينفقون بين 10-20 مليون شهرياً، بينما أفاد 34.6 في المئة بأن التكلفة أكثر من 20 مليونا، فيما رأى 17.3 في المئة بأن التكلفة بين 5-10 ملايين، والنسبة المتبقية 3.8 في المئة كانت أقل من 5 ملايين.
وحول كيفية التعامل مع التحديات الاقتصادية والمالية في الحياة المعيشية، 78.8 في المئة من المستطلعين استغنوا عن بعض الاحتياجات، ونسبة 75 في المئة منهم أرشدوا في الإنفاق، وأجاب ما نسبته 44.2 في المئة بأنهم وقعوا في أزمة ديون، و29.8 في المئة منهم باعوا بعض المقتنيات والأثاث، وتقاربت النسبة 28.8 في المئة بأنهم طلبوا مساعدة من الأقارب، وكانت النسبة المتبقية 22.1 في المئة بطلب المساعدة من الجمعيات.
كما وأظهرت الأرقام أن 68.3 في المئة من المستطلعين ليس لديهم مدخول آخر غير عملهم، غير أن 31.7 في المئة كان لديهم مدخول آخر.
والجهات الداعمة لهم توزعت بين «الأونروا» 63.4 في المئة، الأقارب 14.6 في المئة، وتساوت النسب بين دعم المغتربين وأهل الخير بـ 12.2في المئة منهم.
وفي السؤال حول الاحتياجات الأساسية لتحسين الظروف المعيشية، اعتبر المستطلعون بأن زيادة الرواتب والأجور والقبض بالدولار، وادراج العائلات المتعففة بشؤون الأونروا، وإيجاد فرص عمل بمردود أفضل، وزيادة عمل الجمعيات الإغاثية والتكافل الاجتماعي، من شأنها تحسين الظروف المعيشية.
وفي السياق، تشير تقارير المؤسسات والمنظمات الحقوقية العاملة في الوسط الفلسطيني في لبنان، إلى أن الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019 فاقمت بشكل خطير معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين يُكابدون البؤس وآلام اللجوء وحالات القهر وارتفاع نسبة الفقر والبطالة وسوء التغذية وعدم القدرة على شراء الأدوية.
وأكدت على أن اللاجئين الفلسطينيين الذين يمنعهم القانون اللبناني من ممارسة أغلب المهن، هم من بين الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ نحو أربع سنوات في لبنان.
في هذا الإطار، يكشف عبد القادر كابولي، أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين/فرع لبنان أن «معدل البطالة في المخيمات الفلسطينية كان يبلغ حوالي 40 إلى 50 في المئة، وبعد الأزمة الاقتصادية التي نشأت في لبنان وهبوط الليرة اللبنانية وحالة التعبئة العامة على أثر جائحة كورونا التي ألمت بالعالم أصبحت نسبة البطالة لدى اللاجئين في لبنان حوالي 90 في المئة، وآلاف العمال متخوفون من فقدان عملهم نهائياً في ظل حالة الانزلاق المستمرة وعدم القدرة على معالجة الأزمة».
لافتا إلى أن «أوضاع العمال الفلسطينيين الصعبة في المخيمات الفلسطينية في لبنان هي قصة قديمة جداً من تاريخ اللجوء» مضيفا، «فالنظام السياسي اللبناني مرة يعتبر الفلسطيني لاجئاً ومرة يعتبره أجنبياً، فإن كان لاجئاً له حقوق وإن كان أجنبياً له حقوق أيضاً، وبدا ذلك بارزاً في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي عام 2019 من خلال قرار وزارة العمل اللبنانية بمساواة اللاجئين بالعمال الأجانب وضرورة حصولهم على إجازة عمل».
ويتابع: «في حقيقة الأمر أن العامل الأجنبي يحتاج إلى إقامة وكفيل، بينما اللاجئ الفلسطيني ليس أجنبياً إنما هو لاجئ مقيم يحمل بطاقة اللاجئين من وزارة الداخلية والبلديات مكتوب عليها لاجئ مقيم وهذا يعفيه من الكفيل والإقامة».
وأما عن سوق العمل الذي يعمل فيه اللاجئون الفلسطينيون، فإنه من المعروف أن اللاجئ الفلسطيني المقيم في المخيمات القريبة من مدينة صيدا وصور وطرابلس، يعمل بشكل أساسي في بساتين الحمضيات المنتشرة على الساحل اللبناني، فضلًا عن أعمال أخرى يمكن أن يزاولها أي لاجئ خارج الإطار المسموح به قانونًا، كالعمل في محلات السمانة أو الميكانيك أو غيرها من الأعمال المتواضعة.
يُذكَر أن القانون اللبناني يمنع اللاجئ الفلسطيني، من العمل في أكثر من 70 مهنة، كالطب والصيدلة والهندسة والمحاماة والمحاسبة ورئاسة تحرير الصحف وغيرها.
من جهته، يرى محمد حسين موسى، مدير المركز الثقافي الفلسطيني في لبنان أن أزمة العامل الفلسطيني في لبنان ومنعه من العمل والتضييق عليه كانت منذ السنوات الأولى للنكبة، وذلك بسبب القوانين المجحفة بحقه، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان فاقمت بشكل خطير معاناة العامل الفلسطيني بشكل خاص ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام، لأن العامل والمهني والمتخصص الفلسطيني هو لاجئ، له أهل وله أولاد وله أسرة مسؤول عنها، داعيا إلى وقفة جادة مع واقع العمال الفلسطينيين في لبنان، الذين يعيشون كباقي الفلسطينيين أوضاعا حياتية ومعيشية واجتماعية ومأساوية لا تخلو من الصعوبة.
ولفت موسى إلى أن حالة الانهيار الاقتصادي وتطورات الأزمة الاقتصادية اللبنانية انعكس بشكل سلبي ومأساوي على مجمل الفلسطينيين بمن فيهم العمال، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى أرقام مرتفعة مع زيادة في نسبة الفقر بين حقوق الفلسطينيين هذا مع العلم أن حوالي 50 في المئة من العمال الفلسطينيين يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور، مطالبا بوقف القرارات اللبنانية التي تمنع اللاجئ الفلسطيني من حق العمل.
بدوره، يشير النقابي العمالي الفلسطيني علي محمود أبو سامح إلى أن العمال الفلسطينيين في لبنان يعيشون أوضاعا صعبة جراء القوانين اللبنانية التي تشكل قيودا على حقوقهم الإنسانية، معربا عن أسفه بسبب المعاناة التي يتعرض لها العمال الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بين 65 إلى 70 ألفا.
وحول الأزمة الاقتصادية اللبنانية وانعكاساتها على العامل الفلسطيني في لبنان، تشير إحدى الدراسات التي أجريت سنة 2022 أن نسبة البطالة وصلت الى 80 في المئة ونسبة الفقر إلى 90 في المئة، لافتا إلى أن التعديلات التي أجرتها وزارة العمل اللبنانية في آب/أغسطس عام 2010 على قانون العمل تجاه العامل الفلسطيني، وقانون الضمان لا تلبي مطالب وحقوق اللاجئين الفلسطينيين، مشددا على أن مطالب العمال الفلسطينيين هو مساواة العامل الفلسطيني بالعامل اللبناني نظرا «لمساهمة العمال الفلسطينيين منذ اللجوء وحتى يومنا هذا في بناء الاقتصاد اللبناني ولم يشكلوا يوما عامل منافسة لإخوانهم العمال اللبنانيين».
يرتبط موضوع عمالة الفلسطينيين في لبنان ارتباطا وثيقا بآفاق التحولات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، انطلاقا من سياسة التعاطي مع الوجود الفلسطيني برمته. وقد شهدت هذه السياسة تغييرات جوهرية على امتداد فترة الوجود الفلسطيني في لبنان منذ العام 1948 حيث اتسمت في سنوات اللجوء الأولى بالإيجابية، حين سمحت للعمالة الفلسطينية بالعمل في معظم القطاعات. ثم ما لبث الوضع أن تغيًر تدريجيّا بسبب حالة الجمود في حل قضية اللاجئين واستمرار حالة اللجوء، وكذلك فإن التحولات السياسية والاقتصادية التي شهدها لبنان لاحقا، وما استتبعها من مخاوف أثيرت حول منافسة اليد العاملة الفلسطينية لليد العاملة اللبنانية، أدى إلى استصدار قوانين واتخاذ إجراءات لا تنسجم مع القوانين الدولية لحماية اللاجئين أو التزامات الدولة اللبنانية بهذا الخصوص، ولا مع التعامل الإيجابي الذي كان يلاقيه مختلف المهنيين اللبنانيين في فلسطين قبل نكبة عام 1948.