
جلبير الأشقر
Oct 03, 2018
يوم الثالث من تشرين الأول/أكتوبر هو يوم «عيد الاستقلال» في العراق، احتفالاً بالاستقلال المزعوم الذي منحه الاستعمار البريطاني للبلاد في عام 1932، عندما كان يحكمها نظام ملكي أرساه البريطانيون مثلما أرسوا سواه في الخليج النفطي ومدن الملح المحيطة به. وكان استقلالاً صوريّاً بامتياز، إذ احتفظت بريطانيا في البلاد بقواعد عسكرية وبحرّية تجوّل قواتها على الأراضي العراقية، كما احتفظت بإدارة ميليشيا خاضعة لها عُرفت باسم قوات «الليفي» ، وقد تشكّل معظمها من أبناء الأقليات وفق سياسة التفريق الاستعمارية المعهودة. ولن ينتهي الوجود البريطاني المباشر على أرض العراق سوى في عام 1955، تداركاً لصعود النقمة الشعبية المناهضة له الذي سوف يؤدّي رغم ذلك إلى تهليل الجماهير بإطاحة النظام الملكي من قِبَل «حركة 14 تموز» (14 يوليو) الانقلابية بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.
وكم يلائم سؤال ابن الكوفة الشهير مناسبة «عيد الاستقلال» العراقي الراهن: «عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ… بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديدُ»؟ والحال أن الردّين يجوزان: فالعيد يعود اليوم على العراق بما مضى، لكن ببعض التجديد. إن استقلال العراق اليوم استقلالٌ صوريّ مثلما كان قبل ستة وثمانين عاماً. فمنذ أن رحلت عنه رسمياً القوات الأمريكية في نهاية عام 2011 وهو يقبع تحت وطأة ميليشيات تديرها جارته إيران التي جدّدت مطامع الإمبراطورية الفارسية بحلّة طائفية، كما تسيطر على سمائه قوات جوّية تديرها الولايات المتحدة. وبين الإمبراطورية والإمبريالية، يقع العراق بين فكّي كمّاشة تجعل استقلاله وهماً لا غير، وربّما بما هو أسوأ ممّا كان الأمر عليه إثر الاستقلال المزعوم في عام 1932.
أما التجديد، فهو تحديداً أن عراق اليوم ليس خاضعاً لسيّد واحد، بل لسيّدين، ويُقرَّر مصيرُه ليس في عاصمة واحدة، مثل لندن في الأمس، بل في عاصمتين: طهران وواشنطن. لا بل يسرح ويمرح على أراضي عراق الحاضر لا مفوّضٌ سامٍ واحد، بل اثنان: أحدهما الإيراني قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «حرس الثورة الإسلامية» والمُشرف على عمليّات إيران الخارجية؛ والآخر الأمريكي بريت ماكغورك، المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة داعش. والحقيقة أن السيادتين الإيرانية والأمريكية على العراق، بالرغم من العداء المُعلن بين الدولتين، إنما تعاونتا على حكم البلاد منذ عام 2006، أي منذ أن تبدّلت موازين القوى داخل العراق من جرّاء تقلّص النفوذ الأمريكي وتصاعد النفوذ الإيراني. وقد نجم ذلك التحوّل عن انفجار الأوضاع واشتعال النزاع الطائفي إثر تفجير ضريح الإمامين العسكريين في سامراء في شباط/فبراير من العام ذاته.
وكان نوري المالكي أول نتاج للتعاون بين سيّدي العراق، عندما جيء به رئيساً للوزراء خلفاً لإبراهيم الجعفري الذي أرادت واشنطن التخلّص منه، وكذلك طهران، لقربه من التيّار الصدري. وبعدما مالت كفّة الميزان نحو طهران بعد إتمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية عام 2011، توتّرت علاقة واشنطن بالمالكي فوجدت فرصة للتخلّص منه بموافقة طهران المُرغمة عندما اجتاح تنظيم داعش الأراضي العراقية. فقد خلق ذاك الاجتياح حاجة ماسة إلى قوات جوّية قادرة على صدّ التنظيم والإسهام في دحره، ما لم تكن إيران قادرة على توفيره.
فجيء حينئذٍ بحيدر العبادي، الأقرب إلى واشنطن منه إلى طهران، ثمناً للتدخّل الجوّي الأمريكي. وقد قبلت إيران بالعبادي طالما كانت مطمئنة إلى علاقتها بواشنطن في ظل إدارة باراك أوباما، غير أن الأمر تبدّل بعد وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، ثم نقضه الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه مع إيران وتصعيده التهديد والوعيد والضغوطات على اختلاف أنواعها إزاء طهران. وقد باتت حال العراق مثل حال لبنان، لا تتشكّل حكومته إلّا باتفاق الأوصياء عليه، وهو سرّ الأزمة الحكومية الراهنة في البلدين.
عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ…
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان
70 تعليقات
تعقيبات: 3woodsman
تعقيبات: chapters writing room
تعقيبات: cheap dissertation help
تعقيبات: dissertation help service binding
تعقيبات: tips on writing a dissertation
تعقيبات: dissertation services
تعقيبات: dissertation proposal example
تعقيبات: dissertation proposal writing
تعقيبات: rfp writing services
تعقيبات: doctoral dissertation help history
تعقيبات: writing a phd dissertation
تعقيبات: twin river casino online
تعقيبات: maryland live casino online gambling
تعقيبات: valley forge casino online
تعقيبات: rivers online casino real money
تعقيبات: u.s.a online casino
تعقيبات: platinum reels online casino
تعقيبات: play free casino games online
تعقيبات: harrahs online casino
تعقيبات: real money casino online
تعقيبات: lucky chances casino online
تعقيبات: biggest online casino welcome bonus
تعقيبات: mohegan sun online casino pa
تعقيبات: casino las vegas online
تعقيبات: super vpn
تعقيبات: hotspot free vpn
تعقيبات: express vpn free trial
تعقيبات: best vpn australia
تعقيبات: buy 911 vpn
تعقيبات: newest gay dating site
تعقيبات: internet dating site
تعقيبات: best online dating website
تعقيبات: dateing site
تعقيبات: share dating
تعقيبات: dating sites that are totally free
تعقيبات: dating sites free tinder
تعقيبات: top single service
تعقيبات: mature dating sites free no credit card fees
تعقيبات: ourtime login
تعقيبات: bdsm dating
تعقيبات: vegas 777 online casino
تعقيبات: dubuque gay chat
تعقيبات: best gay webcam chat
تعقيبات: chat with a gay stranger
تعقيبات: nc gay chat room
تعقيبات: gay chat sites
تعقيبات: gay chat nebraska
تعقيبات: gay chat rouetee
تعقيبات: free asain chat lines gay
تعقيبات: amature gay video chat
تعقيبات: what are the best paper writing services
تعقيبات: help me write my paper
تعقيبات: best online paper writers
تعقيبات: can you write my paper
تعقيبات: where can i find someone to write my paper
تعقيبات: help with writing a paper for college
تعقيبات: custom writing paper service
تعقيبات: custom papers online
تعقيبات: custom writing papers
تعقيبات: help with paper writing
تعقيبات: pay to do paper
تعقيبات: 3charles
تعقيبات: creative writing english coursework
تعقيبات: coursework help uk
تعقيبات: do my coursework
تعقيبات: personal ads free
تعقيبات: dating direct
تعقيبات: tinder gratis
تعقيبات: hot dating match
تعقيبات: online dating for singles