عبدالوهاب بدرخان
النهار
22112018
لماذا حُمّلت الرسالتان الاميركيتان الى رئيسي الجمهورية والحكومة أكثر من مجرد التهنئة بذكرى الاستقلال؟ ربما لأن قراءتهما، في ضوء التأزم الداخلي الراهن والتوتر الاقليمي المستمر، تعطي الاشارة الى حكومة جديدة تلتزم السيادة والاستقلال، والدعم للبنان مزدهر وآمن وسالم، تلميحاً متعمّداً الى الأطراف المهدّدة للاستقرار اللبناني. والترجمة المباشرة والصريحة لهذه العبارات البروتوكولية المتوقّعة هي أن عشرات الدول، وفي طليعتها الولايات المتحدة، تدعم الاستقلال والازهار والأمن في لبنان، وفي المقابل هناك النظامان السوري والايراني اللذان يتصرّفان بسيادة لبنان واستقلاله ويستفيدان من استقراره فيما يستخدمانه ورقة للتأزيم الاقليمي.
ولمناسبة الاستقلال، الذي لم يعد سوى ذكرى، لا يحتاج أحد الى رسم توضيحي للتعرّف الى الواقع: فالمتداوَل في اوساط “حزب الله” أن هناك دولتَين، “دولتنا” أي دولة “الحزب” ولديها جيشها وسلاحها ومؤسساتها ومستشفياتها ومدارسها ومخزونها المالي، ولا تحتاج الى أحد وتستطيع متى شاءت أن تسيطر على كل البلد، بدليل سيطرتها في سوريا على مناطق تتجاوز مساحة لبنان ولديها فيها معسكرات وادارات لا يستغني عنها الايرانيون ولا الاسديون. وهناك “دولتهم” بمؤسساتها الضعيفة والمتهالكة والفاسدة والمفلسة والمتسوّلة المساعدات في عواصم العرب والعالم… هذا التوصيف في أذهان قيادة “دولة الحزب” يعني أنها تجاوزت مسألة حماية سلاحها غير الشرعي ويفسّر استقواءها المتمادي على “دولة لبنان” بمن فيها من حلفاء لـ”الحزب” يخضعون لمشيئته من أعلى المستويات الى أدناها ومن خصوم يجري ترويضهم بالصدمات كي يلعبوا اللعبة التي رسمها لهم.
أثبتت وقائع السياسة منذ 2005 وتحديداً بعد 2008 الى الآن، أن النظام اللبناني الذي كان يُسيّر بتغطية (أو بضمانات) عربية ودولية لم يعد كذلك، وتشير الوقائع الأخيرة الى أن تغييرات جذرية طرأت وتطرأ على “نظام الطائف” الذي اعتبر النائب وليد جنبلاط أنه “انتهى”. ما لم يقله أن تحالف “حزب الله – التيار العوني” هو الذي أنهاه على أرض الواقع، وما لم يقله أيضاً أن سلاح “الحزب” وصواريخه وتغوّله السوري وتضامنه مع ايران في مآزقها الحالية باتت ذرائع للإجهاز النهائي على “الطائف”.