21-04-2021 | 00:06 المصدر: النهار


استراتيجية الهروب إلى اشكاليات خطيرة
روى ديبلوماسي مخضرم عن اتصال صديق عراقي به معلقا على تطورات الايام الاخيرة في اهتزاز #القضاء وتهديد السلطة القضائية انه حتى في زمن الرئيس صدام حسين كان المهم دوما المحافظة على شكل القضاء وهيكليته. اصيب القضاء بعطب كبير في العهد الحالي حتى لو تمت لملمة اشلائه كما اصيبت الصلاحيات والقوانين القضائية. ويتوقف سياسيون عند التبريرات المرافقة لعدم توقيع رئيس الجمهورية مرسوم تعديل الحدود البحرية والبيان الرئاسي الذي خلص الى ان ” لرئيس الجمهورية ان يحدد ما يرتأيه الافضل لحفظ الوطن” فيما ان البلد ليس في ظل حكم رئاسي وتاليا فان القرار لا يعود اليه وان كان يعود اليه التوقيع فيما ان حفلة تخوين طاولت مرجعيات ومواقع وتوقفت عند ابواب قصر بعبدا. لم تتوقف الاوساط السياسية عند هذه النقطة طويلا ليس على خلفية تراكم التجاوزات بل ان في كل يوم جديد مشكلة جديدة فيما لم تأخذ تداعيات تراجع الرئيس عون عن توقيع مرسوم التعديل ابعادها الفعلية نتيجة المشهد الذي قدمته القاضية غادة عون بعد ساعات قليلة من انهاء وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل زيارته لبيروت. كان الامر معبرا عن الفشل في الحصول على بريق امل في شأن رفع العقوبات عن رئيس التيار العوني جبران باسيل وتغطية للتراجع الرئاسي عن توقيع المرسوم وادارة ملف جرى فيه تخبط كبير فيما كان يتم العمل على الحدود الجديدة لاشهر طويلة وطي الموضوع بلمحة بصر. حرف المشهد القضائي غير الرسمي المدعوم بفئات حزبية معروفة بفداحته الانظار الى مكان اخر بحيث حجب سريعا مفاعيل زيارة الديبلوماسي الاميركي وتم الالتفاف على مفاعيلها وطيها كما لو انها فصل عابر من فصول الازمة الداخلية. بدا الامر مماثلا تماما للكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية الى اللبنانيين بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لبنان وتقصده عدم لقاء باسيل في حين ان لقاءه مع رئيس الجمهورية لم يسر وفق ما يود الاخير. فخرج الى اللبنانيين بموضوع التدقيق الجنائي متفاديا ومتجاهلا موضوع تاليف الحكومة الذي كان محور زيارة شكري تماما. وفيما يعتقد سياسيون ان نمطا دعائيا جديدا بدأ يتمظهر كسياسة الهروب الى الامام من موضوع الى موضوع اكبر واكثر خطورة للالهاء وتحييد الانظار عن الفشل في مقاربة الامور مع الخارج وفي الداخل، فان الامر لا ينفي واقع الخشية من ان ثقافة الانقلاب على #الدستور تسير جنبا الى جنب مع الخفة السياسية في هذا الاطار من دون الالتفات للخراب والتدمير الناتج عن هذا اللعب الخطير. هل ان اعادة انتخاب رئيس النظام السوري #بشار الاسد الشهر المقبل وفق ما هو متوقع نتيجة استمرار دعمه من روسيا وايران هو المدعاة لاستمرار الامال بديمومة تحالف الاقليات جنبا الى جنب مع الاقتناعات الرائجة بان الحوار الاميركي الايراني سيسلم لايران بنفوذها الكلي في لبنان كما فعل الاتفاق النووي في العام 2015؟ وهو الامر الذي يعني ان انتصار ما يسمى “محور الممانعة ” سيكون ضامنا لحكومة حسان دياب 2 في احسن الاحوال او استمرار حكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد. و يخشى السياسيون المعنيون ان هذا ما يستمر ترجمته في التعنت ورفض تأليف حكومة جديدة في انتظار تطورات يعتقد انها ستصب في مصلحة الفريق المعرقل لتأليف الحكومة ما لم يضع اليد عليها. فاعادة انتخاب الاسد لا يزال يعتبرها البعض انتصارا بغض النظر عن الواقع الذي اصبح عليه كرهينة للقوى والدول المسيطرة والتي تتوزع النفوذ في سوريا نظرا الى ان مجرد ترشحه على الانتخابات وضمان فوزه لاعتبارات خارجة فعلا عن ارادة الغالبية السورية بحيث لم يعد مطروحا تغيير النظام بما يعتبره القيمون على تحالف الممانعة انتصارا لهم. وكذلك الامر بالنسبة الى الحوار الايراني السعودي وليس فقط الحوار الاميركي الايراني فيما ان الرهان ان هذا الفريق سيصبح اقوى من الامس ومن الوقت الراهن وتاليا يستطيع الاستشراس اكثر في الاطاحة بمرتكزات البلد ومؤسساته ينطوي على خطورة كبيرة. لن يعطى البلد لايران ولن تدفع الى خارجه. فنفوذها موجود وباق ولكن اي تسوية يرجح انها تحرج الحزب ويحرجها ايضا لان الحزب لن يستطيع البقاء على ما هو عليه مسيطرا على السياسة الخارجية وقرار السلم والحرب وخيارات لبنان في المنطقة فيما يترك لحلفائه ادارة الداخل( وهو لم ينجح في هذه الادارة) فيما ان الوضع الصدامي الحالي يريحه ويساهم في تقويته. الا ان اي تسوية لاستيعاب النظام السوري او النفوذ الايراني في لبنان وسوريا يخشى ان يدفع ثمنها المسيحيون مجددا لانه امر تبسيطي وساذج الاعتقاد ان اي جلوس الى طاولة المفاوضات سيعني التسليم كليا للطرف الاخر بما يريد او العكس. هناك مساحة للتفاهم المصلحي الذي قد لا يجد الافرقاء المسيحيون الموجودون حاليا في السلطة الهامش الكبير الذي يرسمونه لانفسهم او يطمحون اليه لان ” #حزب الله” مصلحته معروفة وهو اذكى بكثير من حليفه الذي يعمل في التكتيك وليس في الاستراتيجيا، وهو سبق ان تخلى عن العماد #ميشال عون في اتفاق الدوحة حين وافق على انتخاب العماد ميشال سليمان متخليا عن دعم حليفه المسيحي انذاك نظرا الى ان مصلحته اقتضت ذلك فيما كان عون ضامنا للرئاسة معتبرا انها باتت في جيبه. المأساة التي يواجهها اللبنانيون في هذه الحرب المدمرة للبنانيين وللكيان اللبناني حجز اموال المقتدرين من الطبقة المتوسطة الذين من المرجح انهم كانوا سيهاجرون البلد على نحو اكبر من الذي يحصل راهنا فيما باتوا جميعهم في سجن اجباري وقسري لم تفرضه جائحة كورونا بل فرضه تضييع جنى اعمارهم وسياسيون استهلكوا اجمل ايامهم وقضوا على احلامهم بسبب قضايا شخصانية خاسرة. rosana.boumonsef@annahar.com.lbالكلمات الدالةحزب اللهميشال عونبشار الاسدالقضاءتشكيل الحكومةالدستور