إسقاط الطائرة الاسرائيلية بمضاد جوي سوري ليس صدفة أو وليد ساعاته ولا قرار سوري باستعادة السيادة السورية، فجيوش العالم تسرح وتمرح على أرضها وفي جوها، إنما هو ضمن معركة اسرائيلية – إيرانية في الجنوب السوري تحولت إلى معركة مباشرة. وبعيداً عن المسببات أو الحالة العسكرية، فإن ما يجري في الجنوب السوري لا يختلف كثيراً عما يدور في شماله وتحديداً في المعركة التي تخوضها تركيا لطرد الأكراد من المناطق القريبة من حدودها، ولم يمنعها ذلك من دخول قواتها الأراضي السورية لمحاصرة عفرين براً وجواً، مترجمة مكافأتها لقاء التزامها المشروع الروسي أكان في “أستانة” أو ”سوتشي”.
الفارق بين الحالتين أن إسرائيل لم تدخل إلى الأراضي السورية بعد ولا جيش سوري مستعداً لتأمين لها الغطاء البري، على الأقل بشكل مباشر لأن أميركا استطاعت أن تنشر قوات معارضة في المنطقة لغايات عدة وإحداها تستفيد منها إسرائيل، ولا معارك مباشرة بين إيران وتل أبيب، لكنها تشبه الشمال بأن إسرائيل أيضاً لا تريد وجوداً ايرانياً على حدودها.
قاعدة عسكرية إيرانية
الرسائل الاسرائيلية العسكرية عديدة، ومنها ما سارع الايرانيون إلى نفيه في الفترة الأخيرة بأن إيران تجهز قاعدة عسكرية، لتسارع وتناقض نفسها بتصريح من مسؤولها مستشار المرشد الأعلى يحيى صفوي يقول فيه أن على ايران أن تسترد ما تكبدته من خسائر عبر عقود طويلة الأمد، مستنداً إلى ما حققته روسيا من عقود اقتصادية وقواعد عسكرية. اسرائيل وما أن بدأت إيران باقامة قاعدة عسكرية لها، سارعت وقصفتها خلال بنائها. قصفت اسرائيل قاعدة الكسوة، إذ كانت تجهز ايران الأبنية هناك لاقامة دائمة هناك. أفادت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن إيران تقوم بإنشاء قاعدة عسكرية ضخمة دائمة جنوبي العاصمة السورية دمشق. ونشر موقع “بي بي سي” صوراً عبر الأقمار الاصطناعية، قالت إنها تبين أعمال بناء جرت في الفترة ما بين كانون الثاني وحتى تشرين الأول من العام الجاري، في موقع تابع لميليشيات النظام خارج منطقة الكسوة (14 كم جنوبي دمشق) وعلى بعد نحو 50 كم من مرتفعات الجولان المحتلة”.
ووفق معلومات المعارضة السورية فإن “قاعدة الكسوة نقطة عسكرية في تل المانع تتبع إلى الفرقة الأولى - دبابات، وتحوي على نقطة توجيه جوي للطائرات الحربية، كانت المليشيات الإيرانية وتحديداً فيلق القدس وفرقة المهدي بدأت العمل بها مع قوات النظام لتجهيزها لأغراض الاقامة الدائمة وبدأت ببناء المساكن للعناصر والقيادات لكن قبل أن تكتمل، وهي ما تزال في إطار الإنشاء، دمرتها الطائرات الحربية الاسرائيلية بشكل شبه كامل، وزارها منذ فترة خبراء إيرانيون من الفرقة الأولى”.
وعادت إسرائيل وقصفت منذ أيام تل المانع وهو القريب من قاعدة الكسوة ولا يبعد سوى كليومترات بسيطة عن القاعدة، قصفت نقطة الاستطلاع التي يتواجد بها خبراء إيرانيون يتبعون لفيلق القدس، ويتمركزون في مقر الفرقة الأولى في الغوطة الغربية التي لم تتعرض للقصف أبداً.
حزب الله في القنيطرة
رصد ناشطون معارضون مواقع تواجد الميليشيات الايرانية في مواقع لا تلتزم فيها ايران الاتفاق الأميركي – الروسي، وتوافقت مصادر سورية عدة على أن “إيران حاضرة في قاعدة عسكرية تتبع للواء 90 في تل بزاق في منطقة القنيطرة. ومعروف أن اللواء 90 هو أكبر الألوية العسكرية في المحافظة، والقاعدة العسكرية لا تبعد سوى 8 كم عن الشريط الحدودي وتعتبر ضمن المنطقة المحظورة بالنسبة إلى إسرائيل، واستخدمت منذ فترة لاستهداف أحد قادة المعارضة السورية بواسطة صاروخ حراري أطلقه مقاتلوا حزب الله على سيارة تقل قائد المجلس العسكري في منطقة نبع الصخر”.
وفق المصادر نفسها فإن “حزب الله يتمركز أيضاً في نقطتي المشاتل وبالقرب من فوج الاطفاء في مدينة البعث مركز محافظة القنيطرة، وهي منطقة قريبة بشكل كبير من المعبر الحدودي مع الجولان المحتل، حيث لا يبعد سوى 3 كلم عن المعبر، وهو أيضاً ما ترفضه إسرائيل بشكل حتمي، وقصفت المواقع عدة مرات”. وتشير معطيات المعارضة إلى أن “حزب الله أرسل منذ أيام رتلاً عسكرية صغيراً مؤلفاً من 4 سيارات ونحو 30 عنصراً من منطقة مثلث الموت إلى منطقة المشاتل في مركز محافظة القنيطرة، وذلك مباشرةً بعد القصف الإسرائيلي على مواقع الحزب”.
ولا يقتصر تواجد “حزب الله” على النقاط السابقة فحسب، بل وفق المصادر نفسها “هو حاضر في مواقع متعددة في القنيطرة قرب قرية حضر التي يسكنها سوريون دروز، إضافةً إلى مواقع أخرى في تل الشعار”.
تلال “فاطمة الزهراء”
أما التواجد الرئيسي للحزب فهو عند “مثلث الموت” الذي يربط ثلاث محافظات ببعضها (ريف درعا الشمالي وريف دمشق الغربي وريف القنيطرة الشمالي)، تحديداً في بلدة حمريت حيث تلال فاطمة أو ما يطلق عليها بتلال فاطمة الزهراء وهي قاعدة عمليات عسكرية لحزب الله والمليشيات الإيرانية، تم تجهيزها بالمعدات اللازمة، إضافةً إلى مشفى داخل القاعدة، وتشير معلومات المعارضة إلى أن المشفى اسرائيلي يعود للعام 1967، وقام حزب الله وقوات النظام بإعدادها بشكل فعال واستقدموا معدات طبية من مشفى إباظة وهي المشفى الرئيسية في محافظة القنيطرة”.
نقاط استهدفتها اسرائيل
استهدفت إسرائيل نقاط عدة لم يتطرق إليها الاعلام العربي، وكشف عنها مدير شبكة أخبار عدالة حمورابي مزاحم السلوم، وهو كان الناطق باسم “جيش سوريا الجديد”، ويقول لـ”النهار” “استهدفت إسرائيل نقاط الإمداد وتهريب الأسلحة الإستراتيجية التي يستخدمها حزب الله التي تصل الجانبين السوري واللبناني عبر سهول سرغايا في اتجاه القلمون الشرقي ووادي بردى”، مذكراً بأن “هذه النقاط كانت بعضها يستخدم لتهريب البشر والمواد المهربة، وتم إغلاقها بعد اتفاق بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري، لكنها بقيت تستخدم من حزب الله للتهريب العسكري والامداد اللوجستي، مع تغيير في التكتيك على الأرض بعد الضربة الإسرائيلية على الموقع في كانون الثاني الماضي”.
أما الموقع الثانية التي تم استهدافها ووفق السلوم فهي “قرب معسكرات وادي بدرى وهي تحوي مقرات هامة لقيادات حزب الله، ونقاط شبه ثابتة هناك، كما سجل هناك وجود معسكر تدريب عناصر سوريين في حزب الله، نقاط تنسيق أمني وأسلحة غير ثقيلة للحزب”.
وبالنسبة للنقطة الثالثة التي استهدفت فهي “موقع سهول مضايا وهي مواقع تم تحصينها لأنها مهمة لحزب الله، ومهمة الموقع التنسيق الاستخباراتي، وفيه مستودعات أسلحة متوسطة وخفيفة إضافةً إلى عناصر سوريين من ذوي الثقة العالية لدى القيادة الإيرانية”.
Mohammad.nimer@annahar.com.lb