روني ألفا
النهار
14012019
الموارنة في لبنان ليسوا بخير. أصوات مرتفعة بحناجر مبحوحة. الأجدى بالبطريرك الراعي دعوتهم الى جلسات علاج جماعي على أن يصطحبوا معهم تقارير طبية موثوقاً بها حول صحتهم الوطنية. الموارنة مصابون بارتفاع منسوب الخوف. الخوف من الآخر. والأخطر منه الخوف من بعضهم البعض. المستقلون منهم باتوا يُصَنَّفونَ في خانة النباتات السياسية على طريق الإنقراض. البقية في سوادهم الأعظم بتاريخ صلاحية ممهورة من المصدر. لم يكن لهم يوماً دور تأسيسي. للإنصاف، تمتّع آباؤهم بمشاهدة البطريرك الحويك يستولد دولة لبنان. يومَها فضّل العديد منهم نشيد المارسيّيز على نشيد رشيد نخلة. المسيحيون في لبنان مواطنون بأناشيد مختلفة. تواقيعهم غير ملزِمة. آخر اتفاقاتهم المبرمة كان “اتفاق معراب”. كان ضربة سيف على سطح البحر. بلا أثر يُذْكَر. تاريخُهم نسخة مشوّهة عن ماراتون مي الخليل. الركض نحو السلطة. مختلفون على سوريا. على إسرائيل. على الطائف وعلى النفوذ. متفقون على خرافة أنهم جسر عبور بين الشيعة والسنّة. خرافة الفيل الطائر. فليكونوا جسر عبور بين بعضهم البعض أولاً. يقلقون على السنّة والشيعة والدروز في لبنان. فليقلقوا على تصدُّع جسورِهم. الراعي يدعو النواب الموارنة وحسناً يفعل. بالطبع سيطالب البيان الختامي بتشكيل حكومة. بهيئة إغاثة للإقتصاد. بأمن قومي ودستور لا يكون ممسحة. بيان ختامي لن يختم ندوب الموارنة في السياسة. البطريرك آخر المعاقل المارونية. آخر جرس كنيسة وجرس إنذار. لكن صوته سيكون مسموعاً أكثر في دمشق وطهران والرياض وباريس وواشنطن. سيكون على الراعي أن يكون “حوَيِّكاً” بسايكس – بيكو جزء ثاني. الدولة اللبنانية في عهدة سايكس – بيكو في نسخته الثانية وليس في عهدة مسيحيي الداخل. المدعوون الى اجتماع بكركي كورس بأصوات متنافرة. المايسترو والمطرب خارج الحدود. الموارنة بالطبع بحاجة الى مرشد روحي بوزن البطريرك. ما ينقص الموارنة اليوم هو الروح. جبهة يتقمّص فيها قسطنطين زريق، ميشال شيحا، فرح أنطون، شبلي الشميّل، أنطون الجميل، بطرس البستاني والعديد من المتنورين المسيحيين. هناك خمسون سنة آتية على لبنان لا تشبه الخمسين التي انقضت. لا يمكن البناء على قامات اعتيادية. بكركي كانت دائماً تقدمية بالمعنى التأسيسي. نحن في عين عاصفة التأسيس. المطلوب خطاب مسيحي خارج المفردات المعهودة. خارج العناوين. خطاب بمنتهى الجرأة ولو غضبَ الكَورَس.