28-12-2020 | 00:26 المصدر: النهاروجدي العريضي

إيران دخلت بقوة عبر “حزب الله” على خط نسف مسودة الحريري
غادر “بابا نويل” مودّعاً الأطفال بعدما وزّع عليهم هداياه، في وقت انّ العيدية الميلادية الحكومية التي انتظرها اللبنانيون من ساستهم بقيت حبرا على ورق وصدمة جديدة تضاف إلى المعاناة اليومية التي يتلقفها المواطن وسط دهشته إزاء هذا الانحدار الذي وصل إليه البلد، بحيث كشف وزير سيادي قبيل الزيارة الاخيرة للرئيس #سعد الحريري إلى قصر بعبدا، أنّه جمع أغراضه في الوزارة وأكد في مجلسه أنّ المراسيم ستصدر بعد لقاء الحريري – عون أو في اليوم التالي، وكل معطياته كانت تصب في هذا الإطار. والسؤال المطروح: لماذا طارت #الحكومة الموعودة؟ والبلد إلى أين؟ في السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة لـ”النهار” إلى أنّ سلسلة عناوين تقاطعت وأدّت إلى نسف المسودة التي قدّمها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية، ويمكن وصف الخلاف بأنّه تقاطع داخلي وإقليمي ودولي. وكشفت أنّ الاتصال الطويل الذي جرى بين رئيس “التيار الوطني الحر” #جبران باسيل والأمين العام لـ”حزب الله” السيد #حسن نصر الله قد يكون المسمار الأخير في نعش هذه المسودة الحكومية لجملة اعتبارات، إذ يدرك الحزب ما يحيط به من مخاطر واستهدافات على خلفية تدخله في الخارج، إلى الحملات التي تتوالى في الداخل وعلى سلاحه تحديداً. وبمعنى أوضح انّ ما يمر على هذا الحزب شبيه إلى حد كبير بما كان يحصل مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تحكم لبنان آنذاك، والأمر عينه لاحقاً مع السوريين، بمعنى ممارسات هؤلاء وسطوتهم على مقدرات البلد وتقويضهم الاستقرار والاقتصاد بما ادى إلى رفع الصوت عالياً في وجههم. وهذا ما ينسحب على “حزب الله” اليوم الذي لا يريد حكومة لا تحمي سلاحه، وخصوصاً لناحية مواجهة الخارج من خلال وزير خارجية يتلقى إملاءاته كما كانت الحال خلال الحكومات السابقة. ثم ان حارة حريك وبتوجيه واضح من إيران تنتظر وصول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض ليبنى على الشيء مقتضاه، ولا يريد الحزب أن يغامر اليوم بحكومة لا تُعدّ حكومته كما هي الحال مع الموجودة حالياً أو مع ما سبقها من حكومات. إضافةً إلى ذلك فإنّ طهران تنتظر الإدارة الأميركية الجديدة لمعاودة المفاوضات الأميركية – الإيرانية على أحرّ من الجمر، وتسعى ليكون لبنان ورقةً بيدها لتفاوض من خلالها ويكون سلاح الحزب حاضراً على طاولة المفاوضات مع الأميركيين، وهذه المناورة التي ستلجأ إليها إيران إنّما تبقي لبنان مرهوناً لسياستها الأمر الذي يحصل اليوم بوضوح، وهذا ما دفع المملكة العربية السعودية للإشارة الى هذه المسألة على أعلى المستويات، متهمةً إياها بالتدخل في الشؤون العربية، وصولاً إلى ما يقوم به “حزب الله” من دور يؤدي إلى الإمساك بلبنان وزعزعة استقراره واستقرار المنطقة.
وتلفت المصادر إلى أنّ هذا الموضوع الإقليمي، ووفقاً لمعطيات قالها بوضوح زعيم سياسي في الإعلام وكشف التفاصيل أكثر في مجالسه عن الدور الإيراني المؤثر في لبنان، هو ما كان له التأثير المباشر في تعطيل الحكومة، لا بل إنّ الزعيم المذكور غاص في مجالسه أكثر عندما شرح للمقربين إليه ما يجري في هذا الإطار، بينما الخلافات الداخلية كان لها منحى تعطيلي للإفراج عن الحكومة، وتحديداً ما أشارت إليه “النهار” قبل أسابيع. وما يجري في لبنان اليوم، أكان على المستوى الحكومي أو في سائر الملفات، إنّما هو حرب تصفية حسابات ونبش الماضي وتقاتل الأفرقاء على اختلاف انتماءاتهم في ما بينهم من خلال هذا الملف أو ذاك. وفي غضون ذلك، يظهر جلياً أنّ بعبدا و”بيت الوسط” يخوضان في هذا المجال حرباً ضروساً عنوانها الأبرز معادلة “الحريري – جبران”، وما الحملات المتبادلة يومياً بين “المستقبل” و”ميرنا الشالوحي” إلا دليل قاطع على هذه المعركة المفتوحة والتي سيطول أمدها في هذه المرحلة، وقد تشهد ارتفاعاً لمنسوب المساجلات، والتطاحن سيكون في وقت قريب على بعض الملفات التي سيتم استحضارها من الطرفين عبر مواجهة مفتوحة بينهما. وعطفاً على هذه الأجواء والمعطيات على المستويين الداخلي والإقليمي، ثمة جهات سياسية تؤكد أنّ الأزمة في لبنان متشعّبة ولا تقتصر على الحكومة أو على مسودة هنا وأخرى هناك، فثمة حرب باردة سيشهدها البلد ويتخللها عنف اجتماعي وهرج ومرج على أكثر من ملف وقضية، وبالتالي ثمة ترقُّب للإجازة العائلية للرئيس المكلف سعد الحريري، وهل ستخرقها اتصالات في الإمارات والمملكة العربية السعودية وربما مع باريس، بعد ان يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد تماثل للشفاء، في انتظار ما ستظهّره زيارات الحريري الخارجية في ظل تفاعل المخاوف من الانكشافات المحيطة بالبلد على كل المستويات.