08-04-2021 | 00:07 المصدر: النهار



طائرات استعراضية اسرائيلية (ا ف ب)
القواعد التي وضعتها روسيا بوتين لنفسها كما لإيران الإسلاميّة ووكلائها اللبنانيّين وغير اللبنانيّين ولإسرائيل في الحرب الدائرة بينهما في سوريا هي الآتية استناداً إلى المتابعين اللبنانيّين أنفسهم ومن قرب لحركة “حزب الله” داخل بلادهم وخارجها، هذه القواعد هي:أولاً: أن لا يطال القصف الجوّي والصاروخيّ الإسرائيلي المنطقة السوريّة التي يُديرها العسكر الروسي ويحميها ويهتمّ بشؤونٍ عدّة فيها.ثانياً: أن لا يستهدف القصف نفسه الجيش السوري النظامي.ثالثاً: إذا كانت إسرائيل تُريد استهداف الإيرانيّين فهي حرّة أي باللغة العاميّة اللبنانيّة “تصطفل”.رابعاً: نحن أي روسيا لا نقبل أن تستهدف إسرائيل سوريا من الأجواء اللبنانيّة. وإذا أرادت قصفها فلتفعل ذلك من مجالها الجوّي في المنطقة المُحتلّة من الجولان.في هذا المجال يُضيف المتابعون أنفسهم بالقول “أنّ إسرائيل تضرب بطيرانها الحربي ومنظوماتها الصاروخيّة شحنات الصواريخ العابرة إلى مستودعات “حزب الله” ومخازنه من سوريا. لكنّ وتيرة الشحن خفّت لأنّه اكتفى ولم يعد في حاجة الى الكثير منها. فهو صار يمتلك الآن عدداً كبيراً جدّاً من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة. وهذا ما جعل عدد “النقلات” يقلّ. كما أنّ استهدافها بالقصف صار “مقبولاً” لأنّه لم يعد يستهدف مُقاتلي “الحزب” الذي قال علانية لإسرائيل أنّه سيردُّ على قتل أي مقاوم لبناني في سوريا من لبنان ومن سوريا. وهذا أمرٌ مُتيسِّر بعدما صارت الجبهتان اللبنانيّة والسوريّة مع إسرائيل جبهة واحدة. لهذا السبب امتنعت إسرائيل عن استهداف “حزب الله” مباشرة. إذ يبدو أنّ الاثنين يبذلان جهداً لتلافي نشوب حرب مباشرة بينهما”.ماذا عن المساعي المبذولة لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة واستطراداً مع الدول الأخرى في المجموعة الدوليّة التي وقّعت معها اتفاقاً نوويّاً عام 2015 وعددها خمس؟ يبدو أنّها نجحت أخيراً في الاتفاق على أن تجتمع لجنة الاتفاق النووي 5 + 1 في فيينا (عُقد الاجتماع قبل يومين) وقرّرت إيران أن تُقدّم خلاله لائحة بالعقوبات المفروضة عليها والتي يجب رفعها. وقد عرضت روسيا تسهيل اتصالات غير مباشرة بين طهران وواشنطن التي حذّرت وزارة الدفاع فيها من مغبّة عدم الإسراع في التوصُّل إلى اتفاق مع إيران. طبعاً لا تزال طريق العودة في بدايتها نظراً إلى الخلاف القائم بين العاصمتين المذكورتين. فالأولى تريد أن ترفع أميركا العقوبات التي فرضتها عليها قبل العودة إلى التفاوض ودفعة واحدة. لهذا السبب رفعت في اجتماع الأمس لائحةً إلى اللجنة بجميع العقوبات، وأكّدت أنّها لن تقبل العمل على هذا الصعيد بمبدأ خطوة في مقابل خطوة الذي طرحته إدارة بايدن. كما أكّدت استمرار رفضها مفاوضات مباشرة مع واشنطن في فيينا ونفّذته. لكنّ التمسُّك بهذا الشرط يُلغي الاجتماع من أساسه وقد يُفشِّله ولهذا السبب قرّرت أميركا أن لا تغيب عنه. في أي حال تعتقد جهات ديبلوماسيّة أجنبيّة عدّة أنّ على إيران أن لا تقفل الباب أمام الإدارة الأميركيّة الحاليّة، أي أن لا تدفعها مُرغمة إلى اعتماد سياسة التشدُّد والتصلُّب معها التي انتهجتها إدارة ترامب، الأمر الذي يُضاعف الأذى الذي ألحقته بها الأخيرة. طبعاً يفهم كثيرون تشدُّد إيران ويعتبرونه إعداداً مُتقناً للعودة إلى التفاوض. لكنّهم في الوقت نفسه يخشَون أن يعود غرور القوّة إلى إيران الذي مارسته بعد حصولها على الاتفاق النووي عام 2015 وعدم تنفيذها وعدها لأوباما البحث مع إدارته في أزمات المنطقة بعد توقيعه، واستمرارها في تنفيذ مشروعها التوسُّعي. إذا حصل ذلك فإنّ بايدن وإدارته سيتأذّيان داخل أميركا وفي العالم لأنّهما منذ المعركة الانتخابيّة وحتّى قبلها أظهرا إصراراً وتصميماً على عودة بلادهما إلى الاتفاق بعد تفاوض مع إيران يؤدّي إلى رفعٍ تدريجي للعقوبات عنها، وإلى بدء بحث في الشرق الأوسط بقضاياه وأزماته وحروبه. وتخشى الجهات نفسها أن تعتبر إيران أنّ اتفاقها الضخم مع الصين يُمكِّنها من التفاوض من موقع قوّة وبتشدُّد. إذ بذلك تتوحّد أميركا المُنقسمة داخليّاً ضدّها. وإذا كانت الصين قادرة على أو بالأحرى راغبة الآن في بدء مواجهة ساخنة مع أميركا فإنّ النتيجة في النهاية لن تكون في مصلحة إيران ولا في مصلحة العالم. فالصين دولة كبرى وفي طريقها لأن تُصبح عُظمى، لكنّها حكيمة وتتلافى أيُّ مواجهة ساخنة سياسيّة – عسكريّة، إذ أنّها لا تزال تبني نفسها كي تُصبح دولة عُظمى شريكة لأميركا في زعامة العالم أو ندّاً لها في حال نشبت بينهما حربٌ باردة. لهذا السبب فإنّ الصين لن تسمح لأيّ دولة بجرِّها إلى مواقف لا ترغب فيها. على العكس من ذلك فهي التي تجرُّ الدول إلى التعاون معها وانطلاقاً من مصلحتها لا من مصالح هذه الدول.ما هي الأوضاع في المنطقة الآن؟ “ليبيا تسير على طريق الخلاص من أزمة مُستعصية وحروبٍ داخليّة تدخَّل فيها الخارج نتيجة تفاهم دوليّ لا يزال في حاجة إلى التطبيق، وذلك يستلزم وقتاً. علماً أنّ أميركا ساهمت فيه. في سوريا لم تتدخَّل أميركا لأنّها “هادئة” إلى حدٍّ كبير قياساً على الماضي”. هذا ما يُجيب به المُتابعون اللبنانيّون من قرب لحركة “حزب الله” داخل لبنان وخارجه. لكنّهم عندما يُسئلون إذا كان “الحزب” يسعى إلى استدراج الجيش اللبناني إلى حربٍ معه أو صدام يُجيبون بالنفي، ويُضيفون: “ما قاله أمينه العام السيد حسن نصرالله في أحد ظهوراته التلفزيونيّة الأخيرة يعكس اقتناعه أو اشتباهه بوجود “محاولة انقلابيّة” في البلاد، ولا سيّما عندما أُقفلت الطرق ولم يفعل الجيش شيئاً لفتحها، وبعدما بدا أنّ هناك خلافاً بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهوريّة حمّاه ويُحمّيه في رأيه ديبلوماسيّون أجانب. وما قاله يعكس أيضاً خوفه من اضطرار من تُقطع طرق وصولهم إلى مناطقهم وخصوصاً في الجنوب إلى النزول إلى الشارع لفتحها بالقوّة. وهذا أمرٌ لا يُرده لكنّه لا يعود قادراً على منعه”.
sarkis.naoum@annahar.com.lb