الرئيسية / home slide / إزدواجية الجنسية والانتماء عمالة؟

إزدواجية الجنسية والانتماء عمالة؟

08-06-2021 | 00:45 المصدر: النهار

غسان حجار 
@ghassanhajjar

مجسم لجوزاز السفر اللبناني (تعبيرية- نبيل اسماعيل).

في عظته اول من امس، تحدث #المطران الياس عوده عن ازدواجية عبادة الله والمال التي يعتبرها الانجيل شبه مستحيلة، بل انه يحسمها بقوله “لا تعبدوا ربّين، الله والمال”، واشار الى المعادلة نفسها في #المواطنة. فلا يعني شيئا امتلاكك جنسية لبنانية إن كان انتماؤك إلى مكان آخر. واعتبر انه “لا يمكن لأحد أن يعبد ربّين، أو أن يكون أميناً لجهتين قد تتعارض مصالحهما”، سائلا: “كيف يمكن لإنسان أن يمتلك جنسيتين، وإلى أي جنسية يكون ولاؤه؟ فكيف إذا كان مسؤولا؟”. 
هذا السؤال يثير التساؤلات، بل الجدل حول ازدواجية الجنسية التي يسعى اليها معظم اللبنانيين، ولهم في ذلك مبرر، خصوصا مع انهيار الوضع، وسلسلة الحروب المفتعلة خدمة لأهداف غالبا ما تكون خارجية، ما أضعف الثقة بالهوية الوطنية، وبقدرة الدولة اللبنانية على توفير الحماية الجسدية، إضافة الى الأمن الاجتماعي والاقتصادي والصحي. 

 وفي هذ الاطار ثمة “نكتة” تداولها اللبنانيون عندما حضر الرئيس ايمانويل ماكرون الى لبنان، وقابل الرئيس ميشال عون، اذ قالوا ان الرئيس عون يستقبل رئيسه. فالرئيس ماكرون هو رئيس فرنسا التي يحمل عون وغيره جنسيتها بصفة مواطن لا أكثر. وهذا أمر مخالف للقوانين، والكل يذكر كيف رفضت اميركا تعيين السفير اللبناني الحالي لديها المدعو غابي عيسى لكونه يحمل الجنسية الاميركية، اذ لا يجوز للبنان ان يعيّن مواطناً اميركياً سفيراً له لدى واشنطن، وهو سيتمتع بحصانة لبنانية لا تجوز على مواطن اميركي، فكان ان تنازل السفير عن جواز سفره الاميركي مسقطاً حقوقه، ليعود لبنانياً، ولو الى حين، اذ انه سيتقدم مجدداً بطلب الهوية الاميركية حتما بعد انتهاء مهمته، ولو لم يضمن الامر لما أقدم ربما على خطوة من هذا النوع.

  كما أن أكثر من مسؤول لبناني شغّل وسطاء، للحصول على جنسية اجنبية، ولا تزال ماثلة قصة الرئيس ميشال سليمان عندما كان قائداً للجيش، وعدد من كبار ضباط الاركان، للحصول على جواز السفر الفرنسي. 

‏سينتهي هذا الإعلان خلال 30 لكن المشكلة لا تقف عند السفير، فالمملكة العربية السعودية تتعامل غالباً مع الرئيس سعد الحريري بصفته مواطناً سعودياً، وهذا حقها تجاه مواطنيها.
 وحالياً صار تصنيف اللبنانيين، ليس بين الغني والفقير، بل بين مَن يملك جنسية ثانية من عدمه، وبين مَن حصل على تأشيرة دخول طويلة الامد الى اميركا أو اوروبا، وبين العالق هنا. وبين الحائز الاقامة الذهبية في دولة الامارات العربية المتحدة والذي لا يزال اسير الدول التي لا تحتاج الى تأشيرة، وهي قليلة العدد، ولا يقصدها اللبنانيون كثيراً.

 وأبعد من كل الشكليات المتعلقة بالباسبور، تبرز مشكلة الانتماء وهو ضعيف أصلاً في لبنان، اذ تدور المعارك بين محورين، المحور الخليجي الغربي وانصاره، والمحور السوري الايراني واتباعه، وفي هذا الانقسام دليل كافٍ على ارتباط اللبنانيين بالخارج، وتفضيل مصالح هذا الخارج على مصلحة بلدهم. أما بعد، فكثيرون ممن لا يحملون أي جواز سفر اجنبي يحلمون بالتعامل مع الخارج، وتأدية خدمات مدفوعة، والامثلة كثيرة وواضحة، وهي عادة ما تصنّف عمالة، إلا في لبنان، حيث للعمالة وجوه وتصنيفات مختلفة، وبالطبع لا محاسبة لأحد بسبب تعدد العملاء وتنوّع انتماءاتهم وحماياتهم.