19-01-2021 | 00:33 المصدر: النهار


أَوْضِحوا الدستور حكومياً أو “دَمِّروا” دولة تنهار يومياً
يُحمِّل “#تيار المستقبل” ونادي رؤساء الحكومة السابقين والأطراف السياسيين الذين كانوا جزءاً من فريق 14 آذار، رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” الذي أسَّسه وورَّثه على حياته للنائب جبران باسيل وحليفه الشيعي الفاعل جداً في البلاد وخارجها، يُحمِّل هؤلاء كلّهم مسؤولية تعذُّر تأليف الحكومة التي كُلّف الرئيس سعد الحريري تأليفها منذ أشهر قليلة. فهو أي عون لم يكن يريد أساساً التعامل مجدّداً مع الحريري لكن حليفه الشيعي “أقنعه” بذلك لأنه لا يريد في مرحلة حرجة وصعبة داخلياً وإقليمياً تسعير الخلاف المذهبي – السياسي السنّي – الشيعي في البلاد بحيث يتسبّب بحرب أهلية بين المسلمين لن يخرجوا كلّهم منها سالمين وعلى أكثر من مستوى أياً يكن الرابح فيها. وهو أيضاً متعلّق بوريثه باسيل ويريده عضواً في الحكومة مع وزراء مسيحيين حلفاء يمكّنهم من “ضمان” دورهم الأول في الحكم وفي البلاد ومن “تعطيل” الحكومة إذا جرت رياحها بما لم تشتهي سفنهم. وحليفه “حزب الله” “ملبَّك” إذا جاز التعبير على هذا النحو. ذلك أن قلب شريكه في “الثنائية الشيعية” الرئيس نبيه بري مع الذين يعتمد عون عليهم وفي مقدمهم “الحزب” لخفض دورهم الحكومي والسياسي أو لإلغائه إذا تمكّن من ذلك. والإخلال بالشراكة يهدّد بنشوب اشتباك أهلي داخل البيئة الشيعية الحاضنة لـ”الحزب”، وهذا أمرٌ مرفوض من الأخير لأنه يجعله “يخسر الدنيا والآخرة” كما يُقال وإن ربح فيه. ويُحمِّل رئيس الجمهورية عون رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة أو على الأقل تأخير تأليفها بالتعاون مع الرئيس المكلّف الحريري والحليف الدائم للأول والمتقطّع للثاني الزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط. كما يُحمِّلها وإن من دون إعلان أو تشهير الى شريكه في “تفاهم مار مخايل” و”حليفه الاستراتيجي” “حزب الله” المتمسِّك بالحريري والرافض إلحاق هزيمة ساحقة به مع استعداده لعدم منحه الفرصة لكي يقوى على نحو يهدّده هو أي “الحزب” ومشروعه الداخلي والاقليمي. كما يُحمِّل الرئيس عون الرئيس المكلَّف مسؤولية التعثّر الحكومي الراهن في وقت يمرّ #لبنان بأخطر أزماته المدمّرة للكيان والدولة ولشعوبها، وهي صحية نجمت عن تفشي وباء الكورونا جرّاء غياب الدولة واستهتار لبنانيين كثيرين، وعن الإقتصاد المتردّي جداً والانهيار النقدي – المالي – المصرفي الذي حوّل نصف اللبنانيين على الأقل فقراء وغالبية النصف الثاني على عتبة الفقر وعلى آخر درجات سلّم الطبقة الوسطى. كما نجمت عن غياب سياسات متماسكة حيال المنطقة والعالم عند الدولة بمؤسساتها #الدستورية الثلاث وبأحزابها وزعمائها وسياسييها وطوائفها والمذاهب. هذا أمرٌ أدّى الى تخلّي أشقاء لبنان عنه وأصدقائه في المنطقة والعالم، والى رهن مصيره بجهة إقليمية مهمّة جداً واحدة هي إيران جعلها حزبٌ ملتزمٌ إيديولوجيتها ومشروعها التوسّعي ومعه بيئته، جنوداً لها، يشكّ كثيرون في أن تنتصر في النهاية، لكنهم يستبعدون أن تنكسر، ويرجّحون تفاهماً ما مع عدوّتها اللدودة منذ 1979 الولايات المتحدة لا بد أن يكون على حساب لبنان لأن الهم الأول للأخيرة إسرائيل لا لبنان ولا محيطه العربي. ماذا يجب أن يفعل المسؤولون عن الأزمة الحكومية المستعصية المذكورون أعلاه، كي يجدوا حلاً لها بتأليف حكومة جدّية وبدعمها فعلاً كي تستطيع لا إنقاذ البلاد من مصير أسود بل تمكين شعوبها من الصمود كي تتمكّن من انتظار حلول وقت الحلول النهائية لأزمات الإقليم، وإن من دون قدرة فعلية على حماية لبنان ومساعدته لإعادة بناء دولته واستقراره السياسي واقتصاده ومجتمعه أو بالأحرى مجتمعاته؟… تجيب شخصيات لبنانية غير طائفية ومتمسكّة بـ”لبنان المدني” المستقل ووحدة شعوبه أنه ليس أمام هؤلاء المسؤولين إلا التعاون من أجل منع أي رئيس مكلّف وأي رئيس جمهورية من تعطيل تأليف حكومة أشهراً وربما سنوات لاحقاً باعتبار أن هذه المهمة منوطة حالياً بالإثنين. وإذا تعذّر ذلك فعلى مجلس النواب الذي كلّفت الغالبية فيه الرئيس الحريري تأليف الحكومة أو الذي ستُكلِّف غالبيته لاحقاً أي شخصية أخرى لإنجاز هذه المهمة التدخّل بعمل تشريعي يمسّ الدستور جزئياً، بإضافةٍ ما الى إحدى مواده وبتفسير نهائي لمادة أخرى فيه تلافياً للاجتهاد الذي لن يكون أبداً في لبنان منطلقاً من مصلحة وطنية بل من مصالح شعوب متنافرة ومتناحرة وزعماء يستخدمونها لبناء مجدهم أو للمحافظة عليه كما لتحقيق مكاسب خاصة. أما الإضافة فتقضي بتحديد مهلة واضحة لتأليف حكومة لأي رئيس مكلّف قد تكون شهراً أو 45 يوماً. وأما التفسير فيقضي بشرح تفصيلي لـ”طريقة اتفاق” الرئيس المكلّف مع رئيس الجمهورية على تأليف الحكومة استناداً الى ما ورد في الدستور. ذلك أن رئيسنا الحالي عون والأقرب إليه من كل اللبنانيين باسيل يريدان استعادة رئيس ما قبل “الطائف” الذي كان الدستور يجيز له تأليف الحكومات وإسقاطها على خلق أعراف لتحويل النظام رئاسياً. كما أن أخصامهما بل الشعوب المسلمة كلّها ترفض ذلك عملياً. إذ أن تجارب ما قبل “الطائف” لم تكن مشجعة. فضلاً عن أن الديموغرافيا المسيحية ضمُرت بحيث لم تعد قادرة على الدفع في اتجاه أدوار سلطوية واسعة. فـ”العدّ ماشي” رغم تأكيد الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن “عدّ بعد الطائف ما في”. والرئيس المسيحي القوي السلطوي أو المتسلّط سيكون واجهة مستقبلاً للشعب المسلم الأقوى بالعدد أو بغيره كما بالدعم الإقليمي والخارجي مثلما هو واجهة اليوم ومن المنظور نفسه. هل يحصل ذلك؟ لا أحد يعرف. لكن الشخصيات المدنية نفسها الداعية الى إضافة مادة دستورية وتوضيح مادة أخرى تتعلّقان بتأليف الحكومات، تقول أن الفشل في ذلك سيسرّع نهاية لبنان بـ”مئويته وطائفه ومقاومته ومسيحييه”، بل بشعوبه كلها التي يعتبرها البعض محتومة. وتقول أيضاً أن الفشل يجب أن يدفع اللبنانيين الى القضاء على لبنان الراهن بل تدميره لأن أصحاب المصالح فيه من قادة طوائف ومذاهب وشعوب يستغلون انهياره المتدرّج لتحقق مصالحهم السياسية ومكاسبهم غير الوطنية، كما لتأمين مصالح الجهات الخارجية التي يتمتعون بحمايتها.
sarkis.naoum@annahar.com.lb