إبراهيم حيدر
النهار
21032018
ان تتغاضى الحكومة عن عقد جلسة مخصصة للتربية، والمبادرة إلى إيجاد حل للمشكلة بين المعلمين والمدارس الخاصة، فذلك يعني تخلٍ صريح عن ممارسة دورها وتحمل مسؤولياتها تجاه قضية تعني فئة كبيرة من اللبنانيين. ولأننا في موسم انتخابات قد يكون لدى بعض الفرقاء في الحكومة حسابات أخرى لا علاقة لها بحقوق المعلمين، الجسم الذي يعاني لعدم تطبيق القانون 46، وهو قانون أقر في مجلس النواب وشمل القطاع التعليمي الخاص انطلاقاً من وحدة التشريع، ويعتبر نافذاً على كل الأصعدة. لذا قد تكون الحسابات الانتخابية عاملاً أساسياً لعدم عقد جلسة مخصصة للتربية والتي يطالب بها الوزير مروان حمادة منذ أشهر، طالما أن الأكثرية الغالبة هم أهالي التلامذة، فيما إدارات المدارس لها مرجعياتها وفي إمكانها تفسير القانون وفق مصالحها، على رغم تأكيدها التزامه واستعدادها لتطبيقه شرط تحمل الدولة كلفة تمويل الدرجات الست.
لا حل حتى الآن للمشكلة، بل هي إلى تفاقم، حين انكشفت محاولات إمرار بنود في مشروع الموازنة للسنة 2018 تسلب المعلمين درجاتهم. فبدلاً من أن تتصدى الدولة للأزمة في التعليم الخاص التي خلّفها قانون أقرته سريعاً، ها هي تلتف عليه من دون أن تحل المشكلة، وبطروحات تؤدي الى مواجهة مستمرة بين المكونات التربوية. فما الذي يمنع الحكومة أن تناقش الملف الشائك وتقرر المساهمة في حل المشكلة؟ هي تحاول الابتعاد من تحمل أي كلفة مالية، طالما أنها لا تستطيع أن تصبح شريكاً في إدارة التعليم الخاص، علماً أن القانون يعطي المدارس ومكوناتها الطائفية استقلالية عن الدولة في مجالات عدة. لكن الامور يمكن أن تحل بدل الالتفاف على المشكلة أو الهروب من تحمل المسؤولية، وهي أن تساهم الدولة بجزء من الكلفة، خصوصاً في التعليم الأساسي الخاص، قد يكون درجات المعلمين أو أبواب أخرى تحدد بعد دراسات، ومن خلال زيادة موازنة التربية، قبل أن نصل الى مرحلة تسقط معها المدرسة وينهار القطاع الخاص.
النقطة التي يجب الانطلاق منها، تبدأ بحفظ حقوق المعلمين في قانون السلسلة، إذ لا يمكن الغاء مكتسبات وردت في قانون من خلال الالتفاف عليها في بنود قانون آخر. أما إذا أرادت الدولة أن تساهم في هذا الأمر، فإن مشروع الموازنة يمكن أن يتضمن تقدمات للمدارس تدرج تحت أبواب الانفاق على التعليم، فإذا اضطرت الدولة مثلاً أن تستوعب تلامذة من الخاص جراء أزمة الأقساط، ستضطر الى فتح مدارس جديدة بكلفة إضافية، وهي نفسها التي يمكن أن تحصّن فيها التعليم وتدعم استمراريته.
انعدام الرؤية والحسابات والمصالح تغلب أي قراءة جدية للأزمة والمبادرة لحلها، لذا هناك ضحايا كثر، ويبدو أن المعلمين يدفعون الثمن، فيما وحدتهم تحت راية نقابتهم ليست بالمستوى المطلوب.
ibrahim.haidar@annahar.com.lb
twitter: @ihaidar62