الرئيسية / مقالات / أي مساكنة بعد ٧ أيار إثر معركة تحديد الأحجام؟

أي مساكنة بعد ٧ أيار إثر معركة تحديد الأحجام؟


سابين عويس
النهار
30042018

على فظاعة المشهد الانتخابي المستفحل فساداً ورشوة وترهيباً، والذي يمارسه المرشحون في ما بينهم نتيجة التنافس الحاد على الصوت التفضيلي، او على ناخبيهم بغية استقطاب اصواتهم، بلغت المواجهات السياسية التي تفجرت في عطلة نهاية الاسبوع على اكثر من جبهة ومحور، ذروتها طارحة اكثر من علامة استفهام حول المعادلة السياسية التي ستحكم البلاد بعد ٧ أيار والتي ستؤسس لمشهد بدأت ملامحه تتبلور سلباً بفعل المناخات المتشنجة السائدة.

لا يمكن التقليل من اهمية اللهجة التصعيدية المعتمدة في الخطاب السياسي اليوم، وذلك من خلال وضعها في إطار الحملات الانتخابية الرامية الى شدّ العصب وتجييش القواعد الشعبية على مسافة ايام قليلة من موعد الاستحقاق الانتخابي.

كما لا يمكن الرهان على ان هذه المواجهات، تماماً كما التحالفات الهجينة التي أفرزها قانون الانتخاب الجديد، ستنتهي مع اقفال صناديق الاقتراع في ٦ أيار المقبل. بل على العكس، على ما يتوقع مراقبون للمسار السياسي، فالمواجهات لا يمكن الاّ أن تترك تداعياتها على الخريطة السياسية المقبلة، مهددة مبدأ المساكنة او ربط النزاع السائدة منذ أرست التسوية أسسها بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً وتسمية الرئيس سعد الحريري على رأس الحكومة.

في عطلة نهاية الاسبوع، تطايرت الرسائل في مختلف الاتجاهات. من مغدوشة، استهلها رئيس “التيار الوطني الحر” في استهداف مباشر لرئيس المجلس الذي اتهمه بالفساد في مقابل غزل غير مبرر لـ “سيد المقاومة”، بعد سلسلة مواقف فيها من الجفاء والبرودة حيال “حزب الله” ما يكفي ليشكل بداية لفك تحالف مار مخايل. قابلت تلك المواقف معالجة فورية من رئيس حركة “امل” الرئيس نبيه بري الذي قرر الخروج عن صمته واستهدافه على ما تقول أوساطه بعدما لمس استياء قاعدته من الانتقادات التي توجه اليه من دون صدور أي رد منذ وصف باسيل بري بـ “البلطجي”. ويأتي انزعاج القاعدة الشيعية على ما تقول تلك الاوساط من الصدى الذي يتركه كلام باسيل الذي وضع “حزب الله” في خانة المقاومة، فيما وضع رئيس “امل” في خانة الفساد.

ولا يستبعد المراقبون ان تتعذر لململة تداعيات هذا الهجوم المتبادل، وان كان هؤلاء لا يسقطون من توقعاتهم حسابات رئيس المجلس الذي لم يغفل الفصل بين رئيس التيار البرتقالي وبين مؤسسه، بحيث جاءت إشادته بموقف عون في الموضوع الطائفي لتدين “المذهبية والشحن الطائفي” الذي يمارسه باسيل.

على مقلب آخر، برز التباين على جبهة بيت الوسط – كليمنصو، فيما جاءت ردود الحريري في جولته الانتخابية في الشمال على درجة عالية من العنف ضد خصومه داخل الطائفة السنية، ما يؤشر الى ارتياح الرجل الى زعامته وموقعه، بفعل الإحاطة والرعاية التي لاقاهما في صفوف قواعده.

على اي مشهد تقبل البلاد بعد فرز صناديق الاقتراع وتحديد الاحجام والأوزان التي ستحكم معادلة الحكم، وأين العامل الاقليمي الذي غاب بالكامل عن حسابات الداخل؟

من الثابت ان المشهد الداخلي الذي بدأت ترتسم ملامحه تحت وطأة التشنج القائم لن يكون كافياً لرسم صورة المرحلة المقبلة التي تحفل بتحديات إقليمية يشكل شهر أيار محطة أساسية لها، خصوصاً اذا ما ظل الرئيس الاميركي على تشبثه بنقل سفارة بلاده الى القدس في الثاني عشر من الشهر المقبل.

فيما ينتظر ان يحمل رفض رئيسي الجمهورية والمجلس لبيان مؤتمر بروكسيل الاخير دلالات لا يستهان بها حيال التعامل الرسمي مع أزمة اللجوء السوري، والذي يأتي غداة مؤتمر باريس لدعم لبنان اقتصادياً، معطوفاً على اول بند ينتظر من الحكومة العتيدة ادراجه في جدول أعمالها والمتصل بالاستراتيجية الدفاعية.

هو أسبوع حافل يطوي صفحة الهمروجة الانتخابية لتكرّ بعدها سبحة الاستحقاقات. قد يعود العتاد نفسه الى الساحة، ولكن هل بالأوزان عينها؟

sabine.oueiss@annahar.com.lb

اضف رد