شربل نجار – هنا لبنان
قيل لنا سوريا اغتالت الحريري
ثم عادوا وقالوا أن ايران هي التي اغتالته
ربما!
ولكن ليس هذا هو الأهم.
الأهم ان رفيق الحريري لم يكن صنيعة السعوديين بل كان عاملا ذكيا ونشيطا ومنتجا ومدرارا في المملكة وهذا ما اكسبه حب واحترام الكبير والصغير في تلك الديار.
لا يوهمنا أحد بان الحريري استعمله السعوديون كحصان طروادة، فهذه سخافة لا بل ذروة التجني! المملكة السعودية في لبنان وللبنان وفي بحمدون ولبحمدون وفي بكركي ولبكركي وفي المجلس الشيعي الأعلى وللمجلس الشيعي الأعلى وفي بيروت ولبيروت منذ ان كانت مملكة ومنذ ان كان صيف ومنذ ان كان أمين الريحاني فرعون والعويني والصلح وسواهم وسواهن !
والحريري لم يكن فقط للبنان كان لسوريا وكان للسعودية وايران وتركيا وكان للعراق ومصر والأردن ودون خجل كان لفرنسا وباكستان وبريطانيا وروسيا وفي كل كل هذه البلدان كان له مرقد عنزة وفي جميعها بحث مع زعمائها دون منّة منهم عن مصير لبنان .
“لبنان أولا” شعار ليس ابن البارحة، او من بنات أفكار سعد ! لبنان أولا هو نَفَس كل لبناني ولد بعد الإستقلال ورفيق من هؤلاء زد على ذلك أن رفيق هو ابن الطبقة الوسطى والطبقة الوسطى متمسكة بأخلاقياتها ، الطبقة الوسطى لا تغش ….من ضمان الليمون الى قطف مواسم التفاح الى التعليم او المقاولات الطبقة الوسطى لا تغش ولا تستثمر في الوطن الا بما يعود بالنفع على الوطن.
خطيئة رفيق أنه لما جاء الى الوطن لم يدرك أن البلد صار بلا طبقة وسطى أو يكاد وبلا أخلاقيات الطبقة الوسطى.لم يدرك رفيق ان “لا اخلاقيات الميليشيات” هي السلطة وأن أغنياء الحروب يحكمون بؤساء الحروب . والطبقة الوسطى بمعظمها إما هاجرت أو صارت من بؤساء تلك الحروب.
رفيق الحريري هو ابن الطبقة الوسطى واولاده تربوا على المعجن إياه الذي كانت تعجن فيه تلك العمّة والذي منه يخرج اليهم الزاد ! بهية لم تطعم احدا من اولادها او اولاد اخيها إلا ما يقتات به ابناء الطبقة الوسطى ولهذا ومهما حاول اهل الظلمات ان يظلموا وأهل الضلال ان يضللوا يبقى هذا البيت مثالا زاخرا بالوطنية التي لا يمكن ان يعرفها او يتعرّف اليها الا ابناء الطبقة الوسطى.
لي صديق عرف بالفطرة لا بل بذكائه الحاد ان رفيق الحريري لا يمزح وانه سيعيد لبيروت وسطها واضواءها وألقها وفرحها وانصهار اهل الطبقة الوسطى فيها. نزل هذا الصديق الى الوسط في بداية التسعينات، استأجر سبعة ابواب تطل مباشرة على البرلمان وفتح مطعماً.
جاءه رفيق يوما والورشة قائمة وما من ورشة استثمارية في الوسط الاّها وقال له انا رفيق الحريري وكنت على يقين ان في لبنان “خوتان” مثلي وها قد صادفت اولهم اليوم…. انت.
وانطلق الوسط رغم معارضة بؤساء الميليشيات وحرامية الميليشيات وكشفت الطبقة الوسطى عن مدى اعجابها واحترامها لا بل تعلّقها بهذا الرجل المعمار فنزلت الى الوسط كما يهبط الفرح في الأماكن المباركة.1994 1995 1996 1997 1998 1999 2000 وتابع . تنزه في الوسط شيراك وبرويز مشرف وغيرهما. ولما وصل برويز يوما الى ساحة النجمة وجلس والحريري في ال “بلاس دو ليتوال” نادى الحريري على صاحب المطعم وقال له تعال واجلس معنا مش كل يوم رح يجي برويز لعنا !
قبل الحريري كانت حروب وبعد الحريري رجعت الحروب لم تستطع الطبقة الوسطى أن تحمي رفيق من اثرياء وبؤساء الميليشيات ولا أن تحمي نفسها فقُتل وتشرّدت.
حاولت الطبقة الوسطى أن تثأر على طريقتها لرفيق فطردت السوري في نيسان سنة الإغتيال ومنذ ذلك التاريخ والطبقة الوسطى تقدم الشهيد تلو الشهيد. دلوني على واحد من اولئك الشهداء ينتمي الى الإثراء الموبوء، دلوني على واحد من الذين اغتيلوا لم يكن من اهل الطبقة الوسطى.
بعد ذلك وبعد ان ارعبوا الناس نزل اهل الفاقة من كل حدب وصوب الى الوسط واغتالوه تماما كما اغتالوا رفيق …أما صاحبي فبفطرته وذكائه الحاد عرف أن الزمن صار زمن الأراكيل فباع وخرج.
وانتم يا جناب الصّاغة ! صاغة قانون الإنتخاب ، رحمة بالناس صيغوا قانونا على مقاس الناس وليس نُتفا على مقاس زعبرات اديان وهمجية طوائف.ففي مقاسات الطبقة الوسطى انتم أيّها الصاغة دواعش لبنان دواعش ايران دواعش سوريا كما دواعش انطاكية وسائر المشرق. الطوائف ميليشيات وانتم قادتها وكلكم دواعش…. وتذكروا ان الكبير وكيفما كان قانون الإنتخاب سيربح ولكنه عرضة لرصاص من اوصلكم الى البرلمان ومن لزّمكم صياغة قانون الإنتخاب.