الرئيسية / home slide / أين “حزب الله” من التطورات الدراماتيكية الأخيرة وهل سيعيد حساباته في ضوئها؟

أين “حزب الله” من التطورات الدراماتيكية الأخيرة وهل سيعيد حساباته في ضوئها؟

29-03-2023 | 00:15 المصدر: “النهار”

ابراهيم بيرم

ابراهيم بيرم

مناصرون لـ"حزب الله" يلوحون بهواتفهم خلال احتفال بمناسبة الذكرى 40 لتأسيس الحزب (أ ف ب).

مناصرون لـ”حزب الله” يلوحون بهواتفهم خلال احتفال بمناسبة الذكرى 40 لتأسيس الحزب (أ ف ب).

في موازاة “العصف السياسي” الذي عاشته الساحة اللبنانية منذ ايام على وقْع “حرب التوقيتين” والذي يوشك ان يتلاشى وان يُسدل الستار على المسرح الذي تولى تظهير هذه “الحرب” وتشخيصها، ثمة مَن يعدّ مسرحا آخر لمواجهة مستتبعة تدور حول عنوان اساسي هو نفي حاسم لأي احتمال أو فرضية بان الاتفاق السعودي – الايراني برعاية بكين وضمانتها سيفضي بالرياض الى تبديل مواقفها المعروفة من الموضوع اللبناني وتشابكاته على نحو يجعلها تقبل بوصول مرشح “الثنائي الشيعي” ومَن والاه سياسيا الى سدة الرئاسة الاولى الشاغرة منذ اشهر.

وفي هذا الاطار، لم يكن مفاجئا ان يسارع بعض الافرقاء المسيحيين، وتحديدا “#التيار الوطني الحر“، الى الاستثمار على تراجع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن اجرائه الاداري بإبقاء العمل بالتوقيت الشتوي طوال ايام رمضان، فيعتبره انتصارا مدويا، ويمضي الى الأبعد عندما يرى انه مجرد “بروفة” لفعلِ مواجهةٍ اشد وادهى في حال فُرض على المسيحيين رئيس من خارج ارادتهم أو بخلاف وجدانهم الجمعي. ولا يفوت احدا ان المعنيّ في طيّات هذا الكلام هو مرشح “الثنائي”، اي زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجيه.

وعليه، بنى اصحاب هذا الاستنتاج على ما حفلت به الايام الثلاثة الأخيرة من تطورات دراماتيكية ليوحي بان زمن فقدان زمام المبادرة من يده قد ولّى، وأن على الآخرين ان يعيدوا النظر في حساباتهم وخياراتهم.

وعليه ايضا، فان “التيار البرتقالي” مطلق هذا التحذير الشديد اللهجة يبعث برسالة اضافية الى حارة حريك تحديدا عنوانها العريض: ما زلنا عند الموقف الذي تعهدون، فلسنا في وارد المضيّ معكم خطوة واحدة في خياركم الرئاسي حتى وإن اقتضى الامر ان نذهب الى الحد الاقصى في فرط عقد “تفاهم مار مخايل” الموجود منذ فترة في غرفة “التجميد والتبريد” الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا.

لا ريب في ان التيار يعي ان الحزب غير معني اطلاقا بما يعتبره “خطة” فرض التوقيت خلافاً لارادة المسيحيين بدليل ان وزير الحزب في حكومة تصريف الاعمال علي حمية نصح وعبر مراسلات رسمية موثّقة ميقاتي بعدم الإقدام على هذا الاجراء عندما بعثت اليه الامانة العامة لمجلس الوزراء تستفتيه بهذا الشأن.

ومع ذلك، فان مصادر على صلة بأجواء الحزب تتحدث عن ان رئيس التيار النائب جبران باسيل بدا اخيرا على قاعدة الاستثمار في الحدث، مصراً على بلوغ امرين:

– ترسيخ فكرة انه هو من “قاد” المواجهة ضد ساعة ميقاتي – بري، وانه ضمناً نجح في استدراج الآخرين الى ملعبه فبدوا كأنهم يستدركون ويستلحقون.

– انه (باسيل) يريد ان يقدم براهين حسّية على انه ليس في وارد الاستكانة والانصياع بعد “ضربة المعلم” التي اقدم عليها، لذا كان حريصا على ارساء اعتقاد فحواه ان ما حصل ليس إلا قطرة، واستطرادا، وكما قال احد الاعلاميين الناطقين بلسانه، ليس إلا واحدا بالمئة من حجم ردة الفعل التي يعدّ لها التيار اذا ما استشعر ان الآخرين نجحوا في فرض رئيسهم.

وفي اوساط “#حزب الله” مَن يستنتج ان باسيل الباحث منذ فترة عن نصر يعوّض به خسائره طوال الاعوام الستة الماضية، قد وجد ضالته المنشودة في “زوبعة الساعتين” التي هي في الإجمال تضارع “زوبعة الفنجان”.

واذا كان باسيل يتصرف على انه محقق للتو نصرا مبينا، فان فريق “القوات اللبنانية” بدا مستغرقا في مكان آخر وهو اثبات ان اتفاق بكين لم يجعل الرياض تتخلى عن خياراتها وثوابتها اللبنانية. لذا لم يكن مفاجئا للحزب ان تبادر الماكينة الاعلامية الى تظهير “حميمية” اللقاء الذي عُقد في معراب بين السفيرالسعودي وليد البخاري ورئيس الحزب سمير جعجع، والى تركيزها لاحقا على مضمون الرسالة السعودية التي اوحت انها كانت مطمئنة لـ “القوات”.

وأياً يكن من امر، فان السؤال المطروح على “حزب الله” يتمحور حول خطواته التالية لاستيعاب الحدثين المتلازمين، واستطرادا هل ان الحزب يستشعر فعلا حجم الاعتراض المسيحي على توجهه الرئاسي والتداعيات المحفوفة بالمخاطر التي ستنجم عن مضيّه في ما بدأه منذ فترة، اي تزكية فرنجيه؟

كعادته يأخذ “حزب الله” وقته في قراءة أبعاد هذين التطورين وما يحملانه من مستجدات قبل ان يطلق حكمه ويبني على الشيء مقتضاه. لكن الثابت ان الحزب يستشعر ان “مهمة” قطع الطريق على خياره الرئاسي هي مهمة يومية مستمرة بزخم والى تصاعد منذ ان بدا واضحا انه مصمم على هذا الخيار. وعليه فان توجهه الى الآن يقوم على الآتي:

– لقد زكّينا ترشيح فرنجيه لا لنبادر لاحقا الى سحبه او المناورة به او المقايضة عليه.
– ما زلنا عند رؤيتنا المعروفة وهي ان مسألة انتخاب مرشحنا تقوم على اساس التفاهمات في الداخل والخارج وفق ما هو معمول به منذ نشوء الكيان وليس على قاعدة عدد الاصوات.
– ان الكلام عن تحذيرات بمضاعفة المواجهات هو عندنا نوع من التهويل لن يجعل الآخرين يسارعون بالضرورة الى تغيير خريطة سيرهم.

– ان الكلام الذي تتولى معراب ترويجه عن عدم تعديل السعودية مواقفها وخياراتها هو كلام حمّال وجهين ظاهر وباطن، والامور ما زالت في دائرة الضبابية.

وإلى ان يظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود فان من حق المعنيين ان يطمئنوا انفسهم وجمهورهم ويقنعوه بان اتفاق بكين لا يشمل الساحة اللبنانية ولن يعدّل في توازناتها ومعادلاتها.