اخبار عاجلة
الرئيسية / home slide / أميركا وإيران إلى تفاهم… هل إسرائيل في صلبه؟

أميركا وإيران إلى تفاهم… هل إسرائيل في صلبه؟

03-06-2021 | 00:06 المصدر: النهار

سركيس نعوم

أميركا وإيران إلى تفاهم… هل إسرائيل في صلبه؟

الدور الأساسي لروسيا هو الآن في سوريا وسيبقى لها في المرحلة المقبلة أي بعد الحرب العسكريّة وقبل التسوية السياسيّة ثمّ بعد هذه الأخيرة. لا شيء يمنع أن “يطفطف” هذا الدور على لبنان في شكل أو في آخر نظراً إلى التجاور الجغرافي للبلدين الشقيقين وإلى تجاورهما الجغرافي أيضاً مع #إسرائيل صديقة روسيا بل حليفتها من زمان، وإلى تشارك روسيا وإيران في إنقاذ سوريا الأسد وإلى وجود الثانية في لبنان عِبر ابنها وحليفها أو “وكيلها” بلغة الأميركيّين “حزب الله”. هذا ما يقوله المتابع الدقيق نفسه للحياة السياسيّة في لبنان وأقطابها. يُضيف: “أميركا وإيران واصلتان في موعد غير بعيد إلى تفاهم يبدأ بعودة الأولى إلى الاتفاق النووي الموقَّع مع الثانية، وبعودة الثانية عن خرقها الاتفاق نفسه بعد سحب الرئيس السابق ترامب بلاده منه، وبرفع الأولى العقوبات التي فرضها سلف الرئيس بايدن عليها بعد رفضها ضغوطه الهادفة إلى جلبها إلى “بيت الطاعة” الأميركي. إسرائيل هي أو ستكون في صلب الاتفاق الأميركي – الإيراني في شكل من الأشكال أو ربّما جزء غير مباشر منه”.ثمّ يُتابع: “أميركا لا تريد أن تبقى في سوريا، لكنّها في الوقت نفسه لا تستطيع ترك الأمور فيها لتركيا المجاورة لها. علماً أنّها اعتمدت في سنوات سابقة على “قسد” أي قوّات سوريا الديموقراطيّة التي يُشكّل أكرادها وربّما بعضٌ من أكراد تركيا عمودها الفقري. إلّا أنّها اكتشفت وبعد وقت غير طويل أنّها لا تستطيع مع عشائر عربيّة انضمّت إليها حماية المنطقة التي هي فيها من طموحات تركيا وتدخّلها العسكري المباشر فيها.

لهذا السبب قرّرت واشنطن البقاء في سوريا أو بالأحرى في أماكن وجودها داخلها. لكنّ إسقاط رئيسها بشّار الأسد ودفع نظامه إلى الانهيار لم يعودا مُهمّين لها. لهذا السبب وربّما لأسباب أخرى قبلت أميركا وجود روسيا ودورها في سوريا وأيّدتهما. وهي على استعداد لأن تُنسِّق معها في مواجهة بل في ضرب “الإرهاب” السُنّي الإسلامي الذي يُشكِّل خطراً عليها أيضاً”. 

هل يعني ذلك أنّ الودَّ يسود علاقة واشنطن بموسكو؟ “طبعاً لا” يُجيب المتابع الدقيق نفسه للحياة السياسيّة في لبنان، ويضيف: “العالم كلّه يعرف اقتناع الولايات المتحدة المستمرّ حتّى الآن بأنّ روسيا تهديد وجوديٌّ لها لأسباب عدَّة منها كونها على حدود أوروبا الغربيّة الحليفة لواشنطن من زمان، ولاحقاً على حدود أوروبا الشرقيّة الواقعة على الحدود الروسية. هذا الأمر يجعلها قادرة في استمرار على “الحركشة” والضغط والتحرُّش ومحاولة استعادة النفوذ والدور والوجود في أوروبا الشرقيّة المذكورة التي كان بعضها جزءاً من الاتحاد السوفياتي وبعضها الآخر تحت تأثيره المباشر وعضواً في “حلف وارسو” الذي انهار مع الأخير. يعرف العالم أيضاً أنّ روسيا تدخَّلت في انتخابات أميركا عام 2016 وأسهمت في إسقاط المرشَّحة الديموقراطيّة هيلاري كلينتون وفي فوز الجمهوري ترامب الذي اعتبرته “مُفيداً” لها لاعتبارات مُتنوِّعة وهو كان كذلك.يعرف العالم ثالثاً أنّ روسيا تابعت تدخّلها في أميركا بواسطة القرصنة الإلكترونيّة بهدف الحؤول دون فوز بايدن وإبقاء من تستطيع أن تستفيد من شخصيّته وطبعه من دون أن يكون حليفاً لها كما أُشيع. وقد عبَّر بايدن عن ذلك بوصفه الرئيس الروسي بوتين بـ”القاتل”. طبعاً يستعدّ الروس والأميركيّون الآن للتفاوض الجدّي بدءاً من السادس عشر من حزيران الجاري. ربّما ينجحان مع الوقت في التفاهم على قضايا والعجز عن حلّ قضايا إشكاليّة أخرى. إلّا أنّ السبب الأبرز للموقف الروسي السلبي منذ أيّام إدارة أوباما كان الدرع الصاروخيّة التي بدأت أميركا نصبها على حدودها أي في بولونيا. وعندما سألت يومها عند الدافع إلى ذلك تلقّت جواباً أميركيّاً يُفيد أنّها لمواجهة صواريخ إيران الإسلاميّة.
وعندما وقّعت المجموعة الدوليّة 5 + 1 (بما فيها أميركا) الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 قال بوتين أنّ الخوف من الصواريخ الإيرانيّة تستطيع أميركا أن تُبدِّده بحوار مع إيران. وطالبها بإزالة الدرع المذكورة لكنّها رفضت. ثمّ حصل ما حصل في سوريا فتدخَّلت روسيا هناك ولم تُمانع أميركا في ذلك. إلّا أنّها اعتبرت تسليمها بالدور السوري لموسكو بديلاً من إزالة الدرع المذكورة، وأيَّدته لا لأنّه حمى نظام سوريا من الانهيار ورئيسها من السقوط فقط بل لأنّه حقّق هدفاً أكثر أهميّة هو ضرب “الارهاب الاسلامي السُنّي” في سوريا وحماية اسرائيل.
ظهر ذلك في تفاهم تل أبيب وموسكو على إبعاد “حزب الله” وإيران عن حدودها وعلى استهدافها مراكزهما وقوافل تمويلهما في المناطق القريبة منها، لكنّ روسيا وضعت على إسرائيل قيوداً أهمّها عدم استهداف الجيش السوري والمقرّات الرئاسيّة أي الأسد. طبعاً” تابع المتابع نفسه: “باركت أميركا ذلك لكنّها أكّدت في شكل أو في آخر بقاء الدرع الصاروخيّة في بولونيا، وأيَّدت أوكرانيا في حربها العسكريّة مع مواطنيها الانفصاليّين المِن أصل روسي المدعومين من موسكو وحربها السياسيّة مع روسيا لاحتلالها شبه جزيرة القرم وضمّها إليها.

كما أيّدت موافقة حلف شمال الأطلسي على ضمّها إليه، وهذا أمر قد يحصل قريباً. في هذا المجال قد تكون أميركا اعتبرت سيطرة روسيا على سوريا وإن بالشراكة حتّى الآن على الأقل مع إيران الإسلاميّة بديلاً يُعوِّض إخفاقها في إزالة الدرع الصاروخيّة الأميركيّة من بولونيا المجاورة لها. كما أنّها برّرت تأييدها دور روسيا العسكري – السياسي في سوريا لكون الأخيرة فقدت أهميّتها في المنطقة التي كانت لها أيّام مؤسِّس نظامها الحالي عام 1970 حافظ الأسد. وهي لن تسترجعها قبل وقت طويل جدّاً. وبرّرته أيضاً بأنّه كان نتيجة طلب رسمي من الدولة السوريّة التي لا يزال يعترف العالم بها رغم العلاقة السلبيّة لمعظم دوله معها. وبرّرته ثالثاً بوجود معاهدات موقَّعة بين الدولتين روسيا وسوريا. بدا في اختصار ومن زمان عدم ممانعة أميركا في دور مهمٍّ لروسيا في سوريا. لكنّ السؤال المهمّ الذي طرحه “الموقف هذا النهار” يوم أمس يبقى مطروحاً لأنّ جواباً عنه لم يُقدَّم بعد وهو: هل ستعود سوريا الأسد الإبن إلى لبنان؟ كيف ستكون عودتها إذا قرّرتها؟ ماذا سيكون تأثيرها على حلفائها فيه وفي مقدّمهم “حزب الله”؟ هل ستحصل هذه العودة؟ 

sarkis.naoum@annahar.com.lb