- ندى أيوب
- المصدر: “النهار”
- 18 حزيران 2019 | 19:49

يعيش طلاب #الجامعة_اللبنانية أسبوع حسم مصير العام الدراسي، فبعد أن تقرر تعليق الإضراب ومباشرة التعليم يوم الخميس المقبل، عاد رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية وخلط الأوراق بعودةٍ مفاجئة عن استقالته. وكأن في عودة ضاهر مواجهة للسلطة الساعية إلى تقسيم الجسم الأكاديمي، وتلبية لنداء أساتذةٍ وطلابٍ يريدونها معركة حقوقٍ حاسمة لمرّة أخيرة؛ ولم يكن تلميح ضاهر برغبته دعوة الهيئة العامة إلى الاجتماع إلا تأكيداً لذلك. فيما مجلس المندوبين ينتظر واتهامات من رئيسه تطال المجموعات الرافضة فكّ #الإضراب.
قرار بالمواجهة؟
أوضح رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور #يوسف_ضاهر أنه تراجع عن تقديم استقالته من رئاسة الهيئة، بعد حضوره إلى مقر الرابطة ورؤيته الحماس لدى الطلاب والأساتذة معاً. مؤكداً أن “الإضراب في المبدأ سيستمر حتى يوم الخميس المقبل، أما مصيره فسيُقرَّر في اجتماع الهيئة التنفيذية الذي يسعى ضاهر لعقدها يوم غد، بعدما حاول اليوم وفَشِلَ في ذلك نتيجة اعتراض مندوب تيار “المستقبل” في الهيئة، بحسب ما علمت “النهار”. يرغب ضاهر في دعوة الهيئة العامة للجامعة اللبنانية للبتّ بمصير الإضراب بما أن القرار قبل شهر ونصف الشهر قد صدر عن الهيئة نفسها. لكن رغبة ضاهر تحتاج إلى موافقة 8 أعضاء من أصل 15 تتألف منهم الهيئة التنفيذية.
وعود السلطة ليست ذا أهمية، في حسابات ضاهر، فلم تكن هي سبب تعليق الإضراب الموقّت، إنما خلافه مع الهيئة التنفيذية على عدم الإجماع على الأخذ بتوصية مجلس المندوبين بالعودة إليه حول قرار الإضراب. ففي حديثه لـ”النهار” اعتبر ضاهر أن “هذا السياق الطبيعي الديموقراطي أو العودة إلى الهيئة العامة للجامعة، كونها السلطة العليا ومنها صدر قرار الإضراب”، مضيفاً “كنت أرغب أن تتخذ الهيئة التنفيذية قراراتها بالإجماع، الأمر الذي لم يحصل”. الدكتوران جورج قزي وبشير عصمت، عضوان في الهيئة استقالا إلى جانب ضاهر، ويؤكد الأخير أن “أحداً لم يخضع لضغوط سياسية”، وقد عادا أيضاً عن استقالتهما.
يرى ضاهر أن “الخطاب المستقل، الدفاع عن النقابة والجامعة والطلاب، خلقا حركة نهضوية لدى الطلاب والأساتذة الذين تخطى بعضهم قرار حزبه على اعتبار أن الأساتذة أدرى بما يحتاجونه في الجامعة وما تحتاجه هي”. في المقابل لم تقدّم السلطة سوى مشروع الخمس سنوات، وهو مشروع قانون أقرّته الحكومة وموجود في مجلس النواب، يحمل الرقم 5120 وينصّ على زيادة خمس سنوات على عدد سنوات الخدمة عند احتساب المعاش التقاعدي للأستاذ الجامعي. وعن عدم اكتفاء الأساتذة بهذا الحق لفكّ إضرابهم، يبرر ضاهر قائلاً “الأساتذة الجدد لا يستفيدون من هذا القانون، ويريدون حماية صندوق التعاضد من أي اقتطاع من أجل المنح الدراسية والتقديمات الاجتماعية والدرجات الثلاث التي حُرموا منها على عكس القضاة، ما خلق هوّة كبيرة بين رواتب القطاعين”.
من الكواليس
يوم الخميس الماضي اجتمع ضاهر مع وزيري المال علي حسن خليل والتربية أكرم شهيّب ورئيسة لجنة التربية النائب بهية الحريري وبحضور رئيس الجامعة الدكتور فؤاد أيوب. وبحسب وصف المصادر الجامعية لـ”النهار”، “كان الاجتماع مذلّاً، وأحد الوزراء توجّه إلى ضاهر بالقول: “لو أضربتوا 3 سنين هيدا لي رح تاخدوه ونقطة”. وتكمل المصادر “رفضَ المجتمعون طلب ضاهر بالتوقيع على محضر اللقاء، وطلبوا منه التصريح للإعلام بأن الإضراب انتهى. رفضَ ضاهر وعاد إلى الرابطة خالي الوفاض من أي تطمينات حول مطالب الأساتذة ولا حتى الوعود “الزهرية” التي غمروا بها. وعندما علم الأساتذة بأجواء اللقاء توافدوا وإلى جانبهم عدد من الطلاب إلى مقر الرابطة حيث عقدت الهيئة التنفيذية جلسة لها”.
تفاصيل جلستي الهيئة التنفيذية ليومي الخميس والسبت بحسب مصادر الهيئة:
“النقاش دار لساعات عدة، وضاهر موقفه كان مضغوطاً عليه لدرجة أن عدداً من الأعضاء شاركه في إدارة الجلسة. أما المناقشات فطالت الكثير من الاقترحات:
الاقتراح الأول كان اللجوء إلى مجلس المندوبين، صوّت معه: علاء غيث (حزب الله)، بشير عصمت ويوسف ضاهر (مستقلان)، ماهر الرافعي (تيار العزم)، نبيل بو نصر الدين (اشتراكي) وجورج قزي (كتائب). لكنه سقط بنتيجة التصويت النهائي.
النقاش حول العودة إلى الهيئة العامة كان حامياً، وأبرز معارضيه الشرسين كانوا ممثلي “تيار المستقبل “و”حركة أمل”، لمعرفتهم أن الهيئة العامة وبناءً للمزاج العام لدى الأساتذة ستُبقي الإضراب قائماً”.
طرح ضاهر أيضاً عدداً من الاقتراحات التي سقطت بالنقاش ومنها:
– تأجيل قرار التعليق أسبوعاً.
– انتظار ما ستؤول إليه دراسة صندوق القضاة في لجنة المال والموازنة.
– انتظار انتهاء أعمال لجنة المال والموازنة.
– إعادة التواصل مع وزير التربية أكرم شهيب.
عندها لم يبقَ أي خيار إلا تعليق الإضراب. فتمّ التصويت على تعليقه”.
يوم السبت، وبعدما سقطت كل الاقتراحات وقررت الهيئة التنفيذية تعليق الاضراب، اعترض مئات الاساتذة على القرار واعتبروه تشتيتاً للحركة النقابية للأساتذة. وفي هذا السياق عُقدت بالأمس جمعيات عمومية للأساتذة في كافة كليات “اللبنانية” والاتجاه الغالب هو الاستمرار بالإضراب ما عدا كليتين. وهنا تلفت المصادر إلى أن “توحّد الأساتذة وخروجهم من العباءة الحزبية أمر غير مسبوق، لكن هؤلاء ليسوا هواة إضراب كل عام، يريدون مطالبهم لمرة واحدة، ما يؤمّن الاستقرار للأستاذ والطالب والعام الأكاديمي”.
مجلس المندوبين ينتظر
بالأمس، رفض رئيس مجلس المندوبين في الجامعة اللبنانية الدكتور علي رحال استقالة ضاهر، آملاً منه العودة عنها. لذا أراد رحال انتظار 3 أيام وهي المهلة القانونية التي تحقّ لضاهر العدول عن قراره، ورغبة من رحال بعدم عقد مجلس المندوبين بغياب رئيس الهيئة التنفيذية. وعليه قرر رحال عقد جلسة مجلس المندوبين يوم السبت عوضاً من اليوم، كما طلب عدد من الأساتذة المندوبين بهدف نقض قرار الهيئة التنفيذية حول تعليق الإضراب. اليوم اختلف المشهد بعدول ضاهر عن استقالته وأصبح مجلس المندوبين أمام معطيات جديدة. وحولها يقول رحال: “سننتظر ما سيؤول إليه اجتماع الهيئة التنفيذية، وبنتيجة قرارها يحدد مصير اجتماع يوم السبت”.
قانون السنوات الخمس يرضي رحال الذي يتمنى تحقيق المزيد، ويرى في الاستمرارية بالإضراب “انعكاساً سلبياً على الطلاب والأساتذة”، معتبراً أن “الإضراب أصبح غاية لدى بعض المجموعات الهادفة الى تنفيذ أجندات سياسية لضرب الجامعة اللبنانية، بعيداً من مصلحة ومطالب الأستاذة”. يضع رحال في حساباته المأزق المالي الخطر الذي يمرّ به البلد ليقول: “شأننا شأن الشعب اللبناني، علينا تقديم ما نستطيع عليه، لذا ارتضينا اقتطاع 10% من صندوق التعاضد شرط أن تقف الأمور عند هذا”.
الطلاب داعمون
من كلية التربية إلى بئر حسن سار طلاب الجامعة اللبنانية ليقولوا إنّ “الحقوق لا تراجع عنها ولا مساومة عليها، وإن ضغط السلطة السياسية وصل إلى ذروته لتشتيت الجسم النقابي للأساتذة عبر الضغط عليهم، ولضرب الجامعة عبر تمرير تخفيض ميزانيتها والالتفاف على الحقوق”. حمّل الطلاب مسؤولية تبعات شلّ الجامعة من دون تحقيق أي مكسب للسلطة السياسية، بعدما تجاوز إضراب الأساتذة يومه الأربعين ولم تستجب السلطة لأيٍّ من المطالب ضاربةً بعرض الحائط مصلحة الطلاب والجامعة.
وحده رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب، تصرّف وكأن الامور حُسِمَت فأصدر تعميمًا خاصًّاً بإجراءات استكمال العام الجامعي حرصاً على مصلحة طلاب الجامعة اللبنانية وحقهم في استكمال العام الجامعي.
ما هو أكيد حتى الساعة أن الأساتذة في حالة انقسام، البعض وهم المحازبون سيدخلون الصفوف يومي الخميس والجمعة، والبعض الآخر يرفض ذلك مهما كانت العواقب، ما يعني أن العام الجامعي لن ينتهي. إنها معضلةٌ تُلقي على أهل الجامعة وأعضاء الهيئة التنفيذية واجب لمّ شمل الكوادر التعليمية ليعودوا إلى نضالهم ونقاشهم الأساس، إلى مطالبهم التي على أساسها أعلنوا إضرابهم، بعيداً من أي تفكيك أرادته السلطة لجسمهم التعليمي.