اخبار عاجلة
الرئيسية / أضواء على / أدان العجز العربي وآمن بالحرب كعمل اضطراري: مصطفى العقاد… مشاريع سينمائية لم تر النور

أدان العجز العربي وآمن بالحرب كعمل اضطراري: مصطفى العقاد… مشاريع سينمائية لم تر النور

 

كمال القاضي
Jul 09, 2018
القدس العربي

■ لا تحتاج الكتابة عن المخرج العربي مصطفى العقاد لمناسبة فهو الغائب الحاضر المتجدد دائماً والملائم للواقع والظرف، فالقضية التي طالما طرحها لا تزال حية إذ عمل على اعتماد مبدأ الكفاح ضد القوى الامبريالية العظمى التي تتربص بالعروبة ولا ترى في الإسلام والمسلمين غير البطش والإرهاب، ومن ثم بات مشغولاً بتلك الإشكالية الكبرى وأخذ على عاتقة مهمة تصحيح المفاهيم ليتسنى للغرب التفرقة بين المقاومة والإرهاب.
وفي هذا الإطار عمد العقاد إلى إحياء السير الذاتية لكبار الزعماء والمجاهدين والقادة العرب، فكان فيلمه «أسد الصحراء» الذي يجسد بطولات المجاهد الليبي عمر المختار اختياراً مهماً كشف من خلاله عن حقيقة الصراع العربي مع القوى العالمية الكبرى ضارباً المثال الأوضح بالاحتلال الإيطالي للأراضي الليبية بغية السيطرة على الثروات والمقدرات، وسطر تفاصيل المقاومة التي تزعمها عمر المختار لتكون نبراساً للأجيال ووثق مشهد استشهاده كما يجب أن يكون التوثيق. وأورد على لسان أنتوني كوين، بطل الفيلم، العبارة التاريخية الخالدة للمختار والتي يقول فيها «إن عمري سيكون أطول من عمر شانقي» وقد صارت هذه العبارة بالفعل عنواناً لكفاح الرجل وجهاده وسيرته التي صارت محفوظة عن ظهر قلب.
وعلى المنهاج نفسه وعلى طريق التصحيح كانت تجربته في فيلم «الرسالة» واضحة كل الوضوح وبرغم تأخر خروج الفيلم إلى النور لاعتبارات تتصل باعتراض المؤسسات الدينية والهيئات على تجسيد شخصية حمزة عم النبي إلا أن الصدى الذي أحدثه الفيلم تجاوز مسألة تأخير عرضه وجاء توظيف الشخصية التاريخية الإسلامية فائق الخصوصية من الناحية الدرامية. وبرع الممثل المصري عبد الله غيث في تقديم النموذج البطولي الفدائي الاستثنائي. إن الرسالة التي استهدفها المخرج السوري مصطفى العقاد من تقديم الشخصية كانت في سياقها تماماً ، فالرسالة عنوان مستوحى من رسالة الرسول تم إسقاطها على سيرة حمزة لتكون الدلالة واضحة وجلية للربط بين الرسالة السماوية التي كان الرسول مكلفا بتبليغها وبين رسالة الفداء التي بعث بها عمه لتكون شاهداً على شجاعته، وكذلك استخدم المخرج العنوان ذاته ليبين رسالته الفكرية والإبداعية والتاريخية المتضمنة بتفاصيل الفيلم.
وكما أسلفنا يأتي دور مصطفى العقاد متسقاً مع سياسته في توجيه إبداعه للغرب كي يبين لهم الصورة الحقيقية عن الإسلام والعروبة ويبرئ ساحة العرب والمسلمين من الإرهاب المنعوتين به والمتخذ كذريعة للعدوان عليهم والتدخل في شؤونهم وهو هم ظل يشغله كثيراً، وبات يعد له طويلاً. فمن بين ما كان ينتوي تقديمه من مشروعات سينمائية تضارع في أهميتها وتكلفتها وحجمها الفني ما سبق له انجازه مشروعان، أولهما فيلم عن الناصر صلاح الدين الأيوبي يحمل عنوانه الاسم نفسه ويعتني بما هو متصل بالشخصية البطولية من كل النواحي بدءاً من مرحلة الطفولة والتكوين إلى نهاية الرحلة التاريخية، مروراً بالانتصارات والغزوات. وقد أعد العقاد مشروعة بشكل توسعي مغاير لما قدمه المخرج يوسف شاهين الذي بدأ فيلمه الشهير عن صلاح الدين بالحروب الصليبية والانتصار الكاسح في معركة حطين ولم يعطف إلا قليلاً على بقية الجوانب في سيرة الشخصية. المشروع الثاني، الذي لم يمهل القدر العقاد تقديمه، هو ملفات السويس إذ رأى أنها جديرة بالتوثيق ليتناول حرب السويس ويلقي الضوء على المعركة التي خاضها الشعب المصري ضد العدوان الإسرائيلي.
إلى هذا الحد كان مصطفى العقاد معنياً ومشغولاً بالصراعات العربية مع دول الهيمنة وقوى السيطرة وحريصاً على فضح أشكال الاستعمار فهو من أدان العجز والصمت وآمن بأن الحروب عمل اضطراري يتحتم اللجوء إليه إذا ما عجزت الحلول الدبلوماسية عن فض الاشتباك. لقد أقر العقاد بمبدأ المقاومة كشرف مقدس، وقال عن نفسه إنه طائر يقاوم الموت ويصر على التحليق في فضاء مليء بالسحب، ينتقل في مهجرة بين العواصم الأوروبية كطفل يعانق الحياة وشيخ تترسخ تجربته كلما أوغل في المعرفة.

اضف رد