الرئيسية / مقالات / أخطر من مبارزاتكم!

أخطر من مبارزاتكم!


نبيل بو منصف
النهار
5022018

لعل معظم اللبنانيين لم يتنبهوا لانحسار صامت لمسألة تدخل “حزب الله” في الحرب السورية التي ملأت يوميات السياسة اللبنانية طوال السنوات الاخيرة. ولا تأتي الاشارة الى هذا التطور الا من باب تفحص “الغلاف” الخارجي الذي ستتفيأ ظلاله الانتخابات النيابية ما دمنا نسلم بأنها حاصلة حتما في موعدها الا في حال طرأت عوامل خارجية قاهرة كإعتداء إسرائيلي على لبنان. والحال ان الافراط اللافت الذي تتناول عبره الصحافة الإسرائيلية الوضع في لبنان بالاضافة الى تصعيد وتيرة التهديدات التي يطلقها المسؤولون الاسرائيليون سواء في موضوع الثروة النفطية او في ملف الترسانة الصاروخية لـ”حزب الله” لا تختصر حملة التخويف التي تريد لها اسرائيل ان تمعن في زيادة الانقسامات اللبنانية فحسب بل تنبه كذلك الى دلالات اقليمية للاستحقاق الانتخابي ابعد مدى من مبارزات الديكة في لبنان. في غمرة المشهد الصاخب بيوميات ازمة الرئاستين الاولى والثانية، ومن ثم الثانية والثالثة، ومع الصخب الرديف الذي يثيره الـ”سوبر وزير” جبران باسيل قبل الظهر وبعده وفي المساء، يغيب بطبيعة الحال عن اللبنانيين ان اسرائيل والغرب والعرب ينظرون الى المشهد الطالع بعين رصد لاي لبنان سيكون بعد السادس من ايار في ظل تنامي احتمالات فوز “حزب الله ” وحلفائه بأكثرية مجلس النواب الجديد وأثر ذلك على تدخل الحزب في سوريا وأي واقع سينشأ عن التهديدات الإسرائيلية قبل الانتخابات وبعدها؟ لسنا نتجنى على أحد اذا ذكرنا بان الخشية من انفجار في الشارع لم تردع رموز الأزمة السياسية في الاسبوع الماضي الذين ظلوا متمادين في المكابرة الا حين برز الخطر الاستثنائي للتهديد الاسرائيلي للبلوك النفطي وربما كان استدراك التصعيد الداخلي على خلفية مواجهة خطر العدو أشرف واكثر مهابة للتراجعات والنزول عن رؤوس الشجر والسقوف المغالية في معارك النفوذات الشخصية والحزبية. والآن تلوح مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي ملامح تصعيد محموم في المواقف والصحافة والمنبريات الإسرائيلية ناهيك عن الاعلام الغربي وبعض الاعلام العربي حول توهج ما يسمى مثلث الخطوط المتداخلة بين لبنان وسوريا وإسرائيل كأنما ثمة ضخا لايحاءات حربية او شبه حربية في هذه البقعة المتوهجة على نار العد العكسي للانتخابات اللبنانية. وأيا يكن حجم المناورة والتخويف في تصاعد هذه الحملات فهي لا يمكن ان تمر مرور الكرام باستخفاف خيالي نراه صاعدا بقوة اكبر في معارك سياسية وانتخابية ولو كان لها بعض ما يبررها. ولعل قلة تتذكر ان كثيراً من الشرور الخارجية أطبقت على لبنان في حقبات سابقة إبان استحقاقات انتخابية رئاسية او نيابية فيه لان لبنان قدم تاريخيا للاعداء كما للاصدقاء والاشقاء سواء بسواء هدايا طوعية مجانية لكل شهوات الطامعين بالعبث بشؤونه واستغلال انقسامات ابنائه لاحلال المصالح الاقليمية وفرضها. فهل تعتقدون ان شيئا تغير الآن الا في اتجاه تكريس هذه اللعنة؟

nabil.boumounsef@annahar.com.lb

اضف رد