اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / أخطاء طارئة تهدد حسن إدارة الأزمة!

أخطاء طارئة تهدد حسن إدارة الأزمة!


روزانا بومنصف
15 تشرين الثاني 2017 | 00:49

أثنت دول عدة على لبنان الرسمي بإدارته المرحلة الاولى من الازمة التي طرأت باعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الرياض، كما أثنت الدولة على نفسها في اداء اعتبرت انها حققت من خلاله وحدة وطنية نتيجة توافق كل الافرقاء الى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون على التعامل بهدوء شديد مع الازمة. لكن تخشى مصادر سياسية ان يكون هذا الاداء بدأ يتعرض لخلل، إذ ارتكبت أخطاء في اليومين الماضيين لن تساعد في تخفيف وطأة الازمة، بل قد تساهم في تسعيرها. وتعتبر مصادر سياسية ان الجولة التي بدأها وزير الخارجية جبران باسيل لدى بعض الدول الاوروبية هي أحد ابرز المظاهر التي قد ترتد سلبا على ما انجزه لبنان الرسمي، انطلاقا من ان الجولة تبدو في عناوينها مستهدفة الضغط على المملكة السعودية في شأن الرئيس الحريري وكأنما ما يقوم به لبنان هو التحريض على المملكة تحت عنوان عودة الرئيس الحريري وفق المواقف التي صدرت عن بعض المسؤولين الاوروبيين تزامنا مع اللقاءات التي عقدها باسيل. وهو امر يخشى ان يرتد سلبا على الواقع القائم وفق ما برز في مواقف لشخصيات من تيار المستقبل ردا على تحرك باسيل ما استدعى اتصالات متعددة ومكثفة ليل الاثنين الثلثاء لمحاولة تطويق الموقف او الالتفاف عليه او منع تفاقمه وهو ما ادى في اليوم التالي اي امس الى صدور بيان عن كتلة المستقبل تؤكد ان بيانات الكتلة هي من يعبر عنه فيما تبقى كل المواقف الاخرى شخصية. وجولة باسيل في هذا الاطار يخشى من اهدافها انطلاقا من ان الاعتقاد ان الامور انتهت بما اعلنه الرئيس الحريري في المقابلة الصحفية هو اقرب الى الوهم منه الى الحقيقة انطلاقا من ان لبنان لا يزال في قلب العاصفة ويتعين عليه دراسة خطواته. يضاف الى ذلك في رأي مصادر سياسية ان جولة باسيل لا تبدو مفهومة في استدعاء ضغط اوروبي لعودة الرئيس الحريري في الوقت الذي اعلن وزير الخارجية بنفسه ان الحريري يعود الاربعاء اي اليوم وتاليا ما مغزى جولته في هذه الحال التي تتناقض مع ما اعلنه علما انه اضاف الى مطالبته بعودة الحريري عودة عائلته الامر الذي رد عليه الحريري بنفسه في التغريدة الاولى التي اطلقها بعد اكثر من اسبوع على الانقطاع عن اطلاق مواقفه عبر تغريدات. وفي اي حال فان جولة باسيل لا ينظر اليها بايجابية على انها قد تسهم في التخفيف من حدة الموقف بدلا من تعقيده من خلال استفزاز المملكة السعودية. وهذا على الاقل الانطباع والمعلومات التي خلفها هذا التطور خصوصا ان دار الفتوى التي لجأ اليها الجميع باعتبارها السقف او المرجعية السنية التي يمكن اللوذ بها في هذه المرحلة قد تحدثت لاول مرة عبر بيان للمفتي عبد اللطيف دريان كان مدروسا جدا وكان يمكن عدم تخطي السقف الذي تحدث به من اجل الذهاب الى مكان اخر قد يساهم في تسعير الازمة بدلا من تخفيفها.

تشير المصادر السياسية الى جملة اخطاء كان يمكن تجنبها ولعل ابرزها الخطأ الذي ارتكب في الدرجة الاولى في منع الاعلام من بث المقابلة التي اجريت مع الرئيس الحريري. اذ من جهة فان الشعارات التي رفعت من ان كرامة رئيس حكومتنا هو كرامتنا ولا نقبل ان يلحق به ما اخذ على المملكة الحاقها به وفقا للمسؤولين وكل الانطباعات التي اطلقت في هذا الاطار ثم تمنع محطات التلفزة من بث المقابلة مع رئيس الحكومة نفسه. فاين كرامة رئيس الحكومة في هذا السياق وكيف احترمت اذا كانت توجه السهام الى المملكة تحت العنوان نفسه. ومن جهة اخرى ثمة خطأ جسيم ارتكب من خلال منع الاعلام من بث المقابلة كونه اجراء يمس بديهيات الحرية الاعلامية وهناك مآخذ حملت لوزير الاعلام لعدم تدخله في هذا الاطار من اجل اتاحة ذلك كونه المسؤول المباشر عن حماية الحريات الاعلامية.

والخطأ الجسيم الذي ارتكب ايضا يتصل باعلان رئيس الجمهورية على نحو مسبق رفضه اي كان ما سيقوله رئيس الحكومة في مقابلته الصحفية بما يتناقض مع ابسط البديهيات السياسية انطلاقا من انه حكم مسبق على النيات ومحاولة صم الاذان عن الاستماع الى ما ستعلنه” الرهينة” التي شدد رئيس الجمهورية على اعتبار وضع رئيس الحكومة.علما انه وعلى افتراض ان هذا هو الوضع فانه ينبغي الاستماع بدقة الى الشروط التي يتعين الاستماع إليها من اجل السعي الى ايجاد الحل. وتبين هذا الخطأ بسرعة لدى الترحيب بعد ساعات قليلة بما ادلى به الرئيس الحريري في حديثه علما ان هذا الترحيب اقتصر على الترحيب بنيته العودة الى بيروت وتجاهل الشق المتعلق باعلان نيته العودة من اجل تقديم استقالته وكذلك بالشروط من اجل اعادة النظر في التسوية القائمة.

فما حصل حتى الان لا ينبئ بانتهاء الازمة ولا بالانتصار على المملكة في لبنان في حال رغب البعض في تظهير معادلة مماثلة راهنا على ضوء تظهير مشكلة تتعلق بموضوع الاستقالة وشكلها من دون المضمون الذي رافق موضوع الاستقالة وكذلك موضوع المقابلة الصحافية. فعودة الرئيس الحريري في ضوء رفع رئيس الجمهورية عنوانا دستوريا لاحراج المملكة حول تقديم الحريري استقالته من الرياض يتصل بضرورة تقديم رئيس الحكومة استقالته في لبنان ستحصل على الارجح. لكن من المبكرجدا تقويم كل ما حصل ونتائجه باعتبار ان لبنان دخل في المرحلة الاولى من المواجهة التي غدا ساحة لها والحدث لا يزال جاريا. ولذلك فان الحسابات قد لا تصح كثيرا في المرحلة الراهنة.
إقرأ المزيد

اضف رد