اخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / أحزان مصر لا تقتصر على محمد صلاح و«شوال الرز»

أحزان مصر لا تقتصر على محمد صلاح و«شوال الرز»

 

رأي القدس
May 29, 2018
القدس العربي

تتعدد مظاهر المأزق الشامل الذي يعيشه نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتتعاظم معها أنساق القمع التي تعتمدها أجهزة السلطة في محاولات إسكات الشارع، في وقت يشهد فيه مستوى معيشة الفئات الشعبية الفقيرة وشرائح من أبناء الطبقة الوسطى موجات غلاء وارتفاع أسعار وهبوط في القيمة الشرائية للعملة الوطنية هي الأسوأ في تاريخ مصر الحديث.
وتحت ذريعة محاربة الإرهاب، وهو الميدان الذي ينتقل فيه النظام من فشل ذريع إلى إخفاق فاضح، تقوم السلطات بهدم مئات المنازل السكنية والمحال التجارية ومئات الهكتارات من الأراضي الزراعية شمال محافظة سيناء، حيث تجاوزت أعمال الهدم المنطقتين العازلتين في رفح والعريش. وإلى جانب افتقار هذه العمليات إلى أي سند قانوني، وعقم الإجراء من ناحية ردع الإرهاب أو تحجيم مساحات انتشاره، فإن الغرض الأبعد يمكن أن يكون إخلاء شبه جزيرة سيناء من السكان والعمران البشري، وهو هدف استراتيجي سعت إليه دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ اتفاقية كامب دافيد سنة 1978.
كما تواصل أجهزة السيسي الإمعان في حملات اعتقال ناقدي النظام ومعارضيه، أمثال النقابي العمالي هيثم محمدين والصحافي في «أخبار اليوم» محمد البطاوي والناشط السياسي شادي الغزالي والمدون الساخر شادي أبو زيد، بتهم ملفقة غالباً تتراوح بين نشر أخبار كاذبة والتحريض ضد الدولة والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون. واللافت أن معظم هؤلاء يُعاد اعتقالهم بعد فترات احتجاز متفاوتة الآجال، وعلى نحو يجعل قرارات القضاء أضحوكة رغم كل ما يكتنفها أصلاً من ضغوطات الأجهزة الأمنية وألاعيبها. ولافت أيضاً أن دائرة الاعتقال لم تعد تقتصر على هذه الفئة من مناهضي النظام، بل أخذت مؤخراً تشمل أيضاً رجالات السيسي أنفسهم، كما في اعتقال حازم عبد العظيم الذي كان مسؤول قطاع الشباب في حملة انتخاب السيسي الأولى سنة 2014.
وفي غمرة موجة الحزن الواسعة التي عمّت أبناء مصر على إصابة النجم الكروي محمد صلاح، كانت فضيحة النادي الأهلي تضاعف الأسى وتضيف إليه جرعة إهانة وطنية. وكان تركي آل الشيخ، مستشار الديوان الملكي السعودي والمقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، أو «شوال الرز» كما يلقبه الشارع الشعبي في مصر، قد وجه إلى جماهير «الأهلي» سلسلة إهانات تبدأ من الزعم بأنه أنفق على النادي مليار جنيه، ولا تنتهي عند تفاخره بتقديم «مكافآت» شخصية لأعضاء مجلس الإدارة، وصرف الملايين على حملة انتخاب رئيس النادي. وفي هذا كله لم تكن سلطات السيسي بعيدة، بالطبع، عن دائرة الإفساد والفساد التي أدارها تركي آل الشيخ.
وليس عجيباً أن تفلح هذه الدائرة ذاتها في تهريب آثار مصرية داخل الحقائب الدبلوماسية، وأن تكون بعض نماذج المهربات بضخامة تابوت فرعوني طوله متران، وأن تتم عملية التهريب علانية من مطار القاهرة وليس عبر البرّ أو البحر. وليس مستغرباً أيضاً ألا يُفتضح أمر هذه العمليات إلا في الخارج، على يد سلطات غير مصرية في الكويت أو إيطاليا.
وهذا مشهد يؤكد أن أحزان مصر الراهنة لا تقتصر على إصابة محمد صلاح أو انتشار فضائح «شوال الرز».

 

رأي القدس

اضف رد