21-01-2021 | 00:00 المصدر: النهار


آدم إيرلي
“لا تقول فول ليصير بالمكيول”، مثل يعبّر عن حال الترقب التي يعيشها ليس فقط الاميركيون، بل العالم بأسره عما ستكون عليه ولاية الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً جو بايدن. فكل دولة أو جهة سياسية تنظر إلى حقبة بايدن على أنها صفحة جديدة من السياسة الأميركية في العالم. لكن قلة من هؤلاء الأطراف الدوليين ما زالت تترقب بصمت ما ستكون عليه خريطة الطريق التي سيعتمدها الرئيس الجديد في الداخل والخارج. ولكن الأكيد أن بايدن سيكمل من حيث انتهى الرئيس دونالد ترامب، ولن ينقض كل شيء، لكون الإدارة الاميركية هي استمرارية في معظم الملفات المرتبطة بالمصلحة العليا. لكن قد يسجل تمايز في طريقة الحكم والأسلوب. وفق التصريحات الاولى لفريق الادارة الجديدة لا يبدو ان التغييرات ستكون كبيرة، وتحديداً في الملفات المفصلية، مثل العلاقة مع طهران والملف النووي والحرب في اليمن. لا حرب أهليةانطلاقاً من لحظة التنصيب، يبدأ زمن الولاية الجديدة للديموقراطيين، في ظل تجاذب شعبي غير مسبوق في أميركا. وفي هذا الاطار اعتبر المتحدث السابق باسم الخارجية آدم إيرلي أن الولايات المتحدة لن تواجه خطر نشوب حرب أهلية رغم الانقسام الحاد الموجود. وقال لـ”النهار”: “صحيح أن البلاد تشهد انقساماً حاداً لم تعرفه من قبل، لكن هذه الانقسامات ليست عميقة جداً بحيث إنها لا تشكّل تهديداً للبلاد. من الواضح أن مهمة كبيرة تقع على عاتق الرئيس بايدن لناحية العمل على رأب بعض التصدعات التي سادت خلال الحملة الانتخابية، والتعامل مع التحدّي الذي يمثّله التيار اليميني الذي يزداد انفصالاً عن الواقع وينحى أكثر نحو العنف”. وأضاف: “لقد حصل بايدن على عدد من الأصوات لم ينله أي رئيس أميركي أو مرشح للرئاسة من قبل. وأظن أن الأميركيين سوف يتروّون قليلاً وينظرون إلى الأمور من منظار مختلف، وسوف يحترمون الاختلافات من جديد بدلاً من التناحر في ما بينهم”. واستبعد إيرلي أن لا يحكم بايدن البلاد في المرحلة المقبلة، موضحاً أن “الرئيس بايدن سيتمكن من الحكم بدون أدنى شك، فالديموقراطيون لديهم الأكثرية في مجلسَي النواب والشيوخ، ولذلك سيكون من السهل جداً عليه تمرير القوانين المرتبطة بالاقتصاد أو بالهجرة أو إجراءات أخرى تتطلب موافقة الكونغرس. ومن جهة ثانية، أعتقد أن بايدن سيبذل مجهوداً كبيراً لتعزيز الوحدة بين الأميركيين ومدّ اليد إلى منتقديه، والامتناع عن إثارة المشاعر التي تأججت خلال حكم ترامب. إذاً، سوف يتمكّن فعلياً من الحكم، لا بل أتوقّع أن يحكم على نحوٍ جيد جدا”ً. مقاربة مختلفة للملف الإيراني ولم يسلم إيرلي بحصول تغيير دراماتيكي بطريقة تعاطي الإدارة الاميركية الجديدة مع إيران وحلفائها في العالم. وقال: “لا أظن إن إدارة بايدن ستكون متراخية تجاه إيران أو سوريا أو “حزب الله”. لا بد من الإشارة إلى أن بايدن كان نائباً للرئيس لمدة ثماني سنوات وهو يعلم جيداً التهديد الذي تمثله إيران وكذلك “حزب الله”، ودورهما في الاضطرابات وأعمال العنف واستخدامهما لمجموعات وتنظيمات هي بمثابة أذرع لهما”. وتابع “قد يختلف بايدن عن ترامب في طريقة مقاربته للملف الإيراني، لكنه لن يسمح على الإطلاق لإيران بتهديد الحلفاء أو بتطوير أسلحة دمار شامل، أو القيام بأية أعمال أخرى من شأنها زعزعة الاستقرار في المنطقة. من جهة ثانية، قد يستخدم بايدن الديبلوماسية مع إيران، لكن ليس بهدف إعطائها الضوء الأخضر للتسبب بالاضطرابات في المنطقة بل لضبطها وكبح تدخلاتها”. “حزب الله” ليس مصدراً للخير في العالموفي موضوع العقوبات على “حزب الله”، رجح المتحدث السابق في الخارجية الاميركية ان لا تخفف إدارة بايدن من الضغوط على هذا التنظيـم لكنه اعتبر ان كل شيء وارد. وقال: “أتمنى ألا يقوم بذلك. كل شيء وارد، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث. فبايدن والجميع في إدارته الجديدة يعلمون جيداً أن “حزب الله” ليس مصدراً للخير في العالم وأنه تنظيم إجرامي شديد الخطورة، وأنه يستخدم الاتجار بالأشخاص وتجارة المخدرات والسلاح ومختلف أنواع الأنشطة الإجرامية غير الشرعية لمساعدة المجموعات الثورية وزعزعة الاستقرار في العالم. ويعلمون أن “حزب الله” هو الذراع اليمنى للنظام الإيراني. ولذلك سأكون متفاجئاً جداً إذا اتخذ بايدن أي إجراءات لتخفيف الضغوط على “حزب الله”، فهو يعلم أنه تنظيم شديد الخطورة”.وعدّد إيرلي عدداً من العقبات التي قد يواجهها بايدن في ولايته، الا انه اعتبر ان التحدي الاكبر هو أن يقنع جميع الاميركيين أنه رئيسهم الشرعي. واعتبر ان “بايدن يواجه تحدياً أساسياً، وهو أن عدداً كبيراً من الأميركيين يعتبر، عن خطأ، أن انتخابه لم يتم بطريقة نزيهة وأنه ليس الرئيس الشرعي للولايات المتحدة. والسبب وراء هذا الاعتقاد هو أن الرئيس ترامب روّج لهذه الرواية الخيالية التي ادّعى من خلالها حدوث غش وتزوير في تعداد الأصوات. لقد رُفِعت نحو 60 قضية أمام المحكمة على خلفية ادّعاءات بحدوث تزوير، وتبيّن في جميع هذه القضايا عدم وجود أي أدلة تُسوِّغ الطعن بشرعية الانتخابات”. وتابع: “من الواضح والثابت بما لا يرقى إليه الشك أن انتخاب بايدن كان عملية حرّة ونزيهة ودقيقة. ولكن لسوء الحظ، ما زال عدد كبير من الأميركيين يُصدّق أكاذيب ترامب، علينا أن نسمّيها باسمها الحقيقي، أكاذيب، أو يمكن وصفها أيضاً بالأوهام. يتعيّن على بايدن أن يُقنع هؤلاء الأشخاص بأنه رئيسهم، وسوف يكون الأمر صعباً، وأعتقد أنه سيأتي في رأس قائمة أولوياته. والتحدي الثاني الذي سيواجهه بايدن سيكون في انتخابات الكونغرس في سنة 2022، إذ إنه من المهم له أن يحافظ الديموقراطيون على الأكثرية في مجلسَي النواب والشيوخ، لأنهم إذا لم ينجحوا في ذلك، فسوف يجد الرئيس صعوبة كبيرة جداً في مزاولة الحكم”. وقف الحرب في اليمن وتشدد مع بشار الأسد وعلى صعيد السياسة الخارجية لإدارة بايدن في الشرق الأوسط، رأى إيرلي أنها لن تشهد تغييراً كبيراً باستنثاء العلاقة مع السعودية لجهة حقوق الانسان ووقف الحرب في اليمن، والمزيد من التشدد مع نظام بشار الأسد. واكد أن “بعض الأمور سيبقى على حاله، لا سيما الدعم الأميركي للحلفاء في الخليج، والمعارضة الأميركية للعدوانية الإيرانية. لكن بايدن سيعتمد مقاربة مختلفة عن ترامب في التعاطي مع مسائل أخرى، فهو سيلجأ، على ما أعتقد، إلى استخدام الديبلوماسية مع إيران لكنني لا أعرف المنحى الذي ستتخذه. لا أظن أن الولايات المتحدة ستستأنف تطبيق خطة العمل المشتركة الشاملة أو ما يُعرَف بالاتفاق النووي، لأن أموراً كثيرة حدثت في الفترة الماضية”. وتابع: “من الواضح أننا سنشهد تغييراً في السياسة الأميركية حيال السعودية. وفي هذا الإطار، أظن ان إدارة بايدن ستكون أكثر تشدداً إلى حد كبير في موضوع حقوق الإنسان في السعودية، وستضغط بقوة أكبر من أجل وقف الحرب في اليمن. وفي الشأن السوري، أعتقد أن أعضاء إدارة بايدن الجديدة ممّن كانوا في فريق أوباما يشعرون بالندم لأنهم لم يبذلوا مجهوداً أكبر لدعم المعارضة السورية والتصدّي لبشار الأسد. لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستقوم بأي عمل من شأنه دعم الأسد أو مساعدته، لا بل أتوقّع أن تتخذ مواقف أكثر جرأة مقارنة بالأعوام الأربعة المنصرمة. واضاف: “أخيراً، في ما يتعلق بالقوات الأميركية في المنطقة، لقد عمد ترامب إلى سحب أعداد كبيرة من هذه القوات، وأعتقد أن بايدن سيكون أكثر تقليدياً في مقاربته للديبلوماسية الأميركية، وسوف يعمل جاهداً لتأمين حضور عسكري قوي للولايات المتحدة بما ينسجم مع مكانتها التقليدية”.